في مباراة كسر العظم دخل الاتحاد مباراة الكلاسيكو، وهو عازم جازم على حسم الدوري من موقعة الهلال، متسلحا بعودة حجازي وحمد الله، وبجمهور إذا هدر هدر، وإذا حضر كان اللاعب الأول، وليس الثاني عشر، ولكن النمر الجائع واجه على غير العادة أسدا (جريحا) لم يكن يحتمل نكأ جرح لم يبرأ بعد، أو أن يجرح بمكان آخر، لذلك انقلبت موازين العميد، وسقط أمام الزعيم بشكل أفرح جيرانه وجيران الهلال أكثر من فرحة الهلال بعودة أمل الدوري من جديد.
كلاسيكو شرف الكرة السعودية (فنا وخلقا)، استعاد للمدرجات هيبتها، ورغم الصخب الأوروبي أعاد المشجع العربي لشاشتنا المحلية، فشكرا للفريقين، إذ رسموا جمال اللوحة، وتركوا للهواة مهارة تلوينها كل بذوقه وميوله.
مباراة رفض الاتحاد فيها الحكم الأجنبي فحضر الهويش بطلا، وركلة جزاء للهلال يلغيها الفار، وأخرى يؤكدها للاتحاد، وحارس يبدع، وآخر يغادر مصابا، ومناوشات بريئة بين سالم ومدرج الاتي، والبلوي كعادته يناوش الجميع دون خروج عن النص هذه المرة، وفي النهاية تلقى الاتحاديون على أرضهم وبين مدرجهم الذهبي ما لم يتوقعوه، (ثلاثية)، قسوتها أنها بمنعطف أخير، تأجلت لأجله لحظات الحسم حتى إشعار آخر.
حينما يعود الهلال بهذه القوة بعد خسارة بطولة (كأس الملك) المتاحة، فهذا ليس بالخارق للعادة، فالكبار لهم مواعيدهم الدائمة مع كبرياء يحميهم من السقوط، لكن أن تخسر من فريق بحجم الفيحاء (مع كامل الاحترام)، ثم تحضر بنفس الملعب بشكل مختلف تلغي به قوة متصدر تغيرت حتى مشيته، فهنا لا بد أن نسأل عن المسببات، وهل المسألة إيجابية للزعيم أم فيها من السلبية ما الله به عليم؟
المشجع البسيط والمتابع دون كثب سيرى ذلك إبداعا فنيا وإداريا ونغمة تناسق يجيد عزفها الهلال باحترافية، وهنا لن نقلل من تاريخ الهلال في هذه المسألة بالتحديد من أيام الأمير عبدالرحمن بن مساعد، وما قبله من عصر ذهبي كان مدير الكرة عندهم أشهر من بعض أندية دورينا.
نعم إن علة الهلال في خسارته نهائيا بمتناول اليد، وتفريطه في كثير من نقاط الدوري، التي تتجه به لحرمانه منه، ما لم تحدث المعجزة، لشيء يثير أهل الحصافة ببواطن زعيمهم، ويدعوهم لسبر أغوار النادي الكبير الذي لم يصغر منذ ولد.
أعيد وأكرر، ثم أعيد وأكرر، الهلال منذ رحيل النعيمة ومنصور الأحمد وسامي الجابر من كرسي (مدير الكرة) والمكان شاغر ويخلو من (كاريزما) قائد يجيد التخاطب بلغة راقية حازمة، مع نجوم تجاوز أكثرهم (هرج الملايين) للحديث بالمليارات.
ليس شرطا أن يعيد بن نافل الجابر (المتاح) مديرا، لكنني متأكد أنه سيجد في بيئة الهلال عشرين يشبهون سامي، أما الطيبون الذين معه الآن فسيكون نفعهم أكثر بالبرامج الاجتماعية.
توقيعي/
لا تستفز جريحا ما زالت أنيابه ملطخة بالدماء.