ضرب البدوي الكادح ربيعان القحطاني خيمته في العراء لتضع عائلته رحالها بعد طول عناء، حيث ينتقل بهم من مكان لآخر بحثا عن الكلأ والعشب والماء ،التي تحتاجها أغنامه، وهي كل ما يملك في هذه الحياة، تاركا لولده مهمة رعيها عبر الجبال والأودية والقفار.
لكن الابن الشغوف بالقراءة كان يحتاج أن يعقد صفقة مع شقيقته ليتمكن من الهروب من الرعي بحثا عن شراء الصحف والمجلات، وانتهزت الأخت الفرصة: رعي الغنم عنه يقابلها تعليمها الحروف..
نفذ الشقيقان مشروعهما على رمال الصحراء ،وراحت “غامية “تتلقى الدروس بلهفة بالغة تعكس حماسها المتوقد ورغبتها الجارف للتعلم.
عيناها التي كانت تطارد بأسى بالغ باصات المدارس وهي تقل الطالبات أصبحت تحتضن حبات الرمال المزخرفة بحروف وكلمات سطرتها سبابة أخيها، ولفرط اللهفة كانت تود لو تحمل الكلمات الرملية بين يديها أو تدسها بين ثيابها البالية!!
تزوجت غامية وتحققت أمنيتها بمفارقة مضارب البادية إلى صخب المدينة.. لكن أسفا.. لقد فاتها قطار التعليم تماما فقد شارفت على السابعة والعشرين من عمرها..
تذكر غامية أن زوجها سألها سؤالا وقد لاحظ شغفها المدفون بالعلم والمعرفة: ماذا تودين أن تكوني لو قدر لك أن درستِ!؟
أجابت فورا :
طبيبة.. فإن لم يكن فممرضة..!!
كان من الممكن أن تفجر إجابة الشابة البدوية الأمية ضحكة مدوية على هذه الأمنية المستحيلة..
لكن الزوج النبيل هز رأسه وقد عزم أن يمد لها يد العون مهما كانت الظروف، فسعى لتسجيلها في مدرسة ابتدائية، ليتم عمل اختبار لها اجتازت بموجبه الصف السادس وهي حامل بطفلها الأول!!على مرأى ومشهد من طالبات المدرسة الصغيرات الذين كن ينادينها “أبلة” لاعتقادهن أنها معلمة جديدة!!
ثم التحقت بالمتوسط فالثانوي دون تعثر، متجاوزة نظرات الاستغراب حينا والشفقة حينا والسخرية أحيانا..
لقد كانت تنظر بعيدا بعيدا.. وحروف الرمال تطارد خيالها الحالم في صحوها ومنامها..
لتذهب بعد ذلك للكلية الصحية وتحصل على بكالوريوس التمريض!!!
عندما يذهب أحدكم لمستشفى الملك خالد، فليتوجه لقسم العناية المركزة للأطفال ويسأل عن الممرضة العظيمة غامية ربيعان القحطاني ليسألها عن إرادة الإنسان كيف تفتت صخور اليأس والفقر والحرمان..
أسألوها من جاءت بهذا القدر من الصبر والشغف أسألوها كيف تغلبت على قسوة الصحراء ومرارة الظروف..
أسألوها عن الثقة بالنفس كيف يجب أن تكون ،وعن سقف الطموح كيف يجب أن يسمو ويرتفع..
أسألوها عن دعوات الأم ..عن لطف الأخ ..ونبل الزوج ..
أسالوها عن كل شيء كان ضربا من الخيال فأصبح واقعا من جمال..
ثم التقطوا بعد ذلك صورة تذكارية مع فخامة الإنسان..!!
- 2024/11/23 بدء دراسة مساعدي مفوضي تنمية المراحل الكشفية في عنيزة
- 2024/11/23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024/11/23 بلال صبري يعلن موعد عرض “أوراق التاروت” في يناير المقبل
- 2024/11/23 قصي الزهراني دفعته مشاعر الحنين للعودة لمدرسته بمحايل بعد فقدان أسرته في السيول
- 2024/11/22 تكرَّيم “حُباشة” لدورها الإعلامي في تغطيّة برامج وأنشطة جمعيّة خيركم بمنطقة مكة المكرمة
- 2024/11/22 أفراح آل حرب وآل الغامدي في عسفان
- 2024/11/14 في يوم “داء الحلو” .. شاولي : الجلد يتأثر بمرض السكري وهذه أبرز النصائح للجميع
- 2024/11/14 تًُوقيعَّ اتفاقيّة لدعم وتمكين مستفيدي فرع وزارة الموارد البشريّة بمنطقة مكة
- 2024/11/13 جامعة الأعمال تحتفل باليوم الرياضي للأتحاد السعودي للرياضة الجامعيّة
- 2024/11/13 كفى توعّي 600 زائر بمدينة الملك عبدالعزيز الطبيّة
المقالات > فخامة الإنسان
فاطمة السهيمي
فخامة الإنسان
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://hobasha.com/articles/225398/