تحرص المملكة في خططها التنموية دائمًا على أخذ المتغير السكاني لمواطنيها في الاعتبار، فتضع خططها على أساس استيعاب النمو المتوقع لسكانها خلال السنوات المقبلة، وتلبية احتياجاتهم المتزايدة إلى الوظائف والخدمات المتطورة في كل القطاعات.
ويعد ميناء الملك عبد الله في مدينة رابغ، الذي دشنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مساء اليوم (الاثنين)، هو أحد المشروعات العملاقة التي روعي في تخطيطها التعاطي التام مع النمو المتوقع لسكان المملكة خصوصًا الشباب، وبالتوازي نمو صادرات السعودية إلى العالم الخارجي، وكذلك نمو حركة التجارة في البحر الأحمر باعتباره واحدًا من أهم مسارات التجارة البحرية العالمية، ويستقطب حاليًا قرابة 26 في المائة من حركة التجارة العالمية فيما يتعلق بالحاويات، بالإضافة إلى الاستفادة من النمو الجاري الآن في منطقة شرق إفريقيا، التي يسميها الخبراء “الصين الجديدة”.
الفرص والفوائد
وباستكمال إنشاءات الميناء في يونيو 2020، سيوفر آلاف الوظائف للشباب السعودي في مجالات إدارة الأعمال البحرية، وتحديدًا قطاع الشحن البحري والخدمات اللوجستية.
وحول الآثار الإيجابية العديدة التي سيحققها الميناء للمواطنين، أوضح الرئيس التنفيذي لميناء الملك عبدالله ريان قطب، أن الميناء سيحقق فوائد كثيرة للمواطنين في ثلاثة مسارات: الأول، التنمية الاقتصادية، والثاني، تخفيض التكلفة المعيشية على المواطن، فكلما زادت سرعة التخليص والاستيراد انخفضت التكلفة واستفاد المواطن، والمسار الثالث، خلق الوظائف في المجال البحري وفي المجال اللوجستي بشكل عام، إذ وفر الميناء إلى الآن 1770 وظيفة مباشرة، وفقًا لما أفاد حساب “التواصل الحكومي” على “تويتر”.
ويتيح ميناء الملك عبد الله فرصًا استثمارية عديدة للمواطنين السعوديين من رواد الأعمال لإقامة المشروعات الإنتاجية والتصدير، مستفيدين من المزايا التي ينفرد بها الميناء، ومنها وقوعه على طريق التجاري العالمي، ووقوعه مباشرة على مسار التجارة الرئيس لآسيا وأوروبا، وتقليصه مدة نقل البضائع بين القارتين بمعدل من 5 إلى 7 أيام؛ ما سيفيد أصحاب المشروعات في تخفيض المدد الزمنية لتدوير رأس المال، ومضاعفة العوائد في حالتي تصدير الإنتاج، أو استيراد مواد أولية لعمليات التصنيع.
الميناء والرؤية
ويندرج ميناء الملك عبد الله ضمن منظومة المرافق الأساسية، التي تطبق عملية التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة حاليًا وفق “رؤية 2030″، وتتضح الأدوار المهمة التي ينهض بها المشروع أكثر باستعراض النتائج التي تحققها والمستهدفة له.
فبحسب الموقع الإلكتروني للميناء، ارتفع الحجم الكلي للحاويات التي تمكّن الميناء من مناولتها منذ بدء التشغيل في الربع الأخير من العام 2013 إلى 7.227.859 حاوية قياسية، في حين ستبلغ طاقته الاستيعابية 20 مليون حاوية سنويًا عند الانتهاء من تطويره، كما ارتفع عدد السفن التي استقبلها الميناء خلال عام 2018 إلى 911 سفينة، بزيادة 12 في المائة مقارنة بعام 2017، الذي استقبل خلاله 820 سفينة.
ومن النتائج المهمة التي حققها الميناء إلى الآن أيضًا، ووفقًا لحساب “مشروعات السعودية” على “تويتر”، جذب استثمارات بقيمة 13 مليار ريال، وصدر بضائع بـ20 مليار ريال واستورد بضائع بقيمة 45 مليار ريال، كما استحوذ على إيرادات تقدر بـ2.7 من إجمالي الرسوم الجمركية، والميناء هو الوحيد الحاصل على شهادة الآيزو في منطقة الشرق الأوسط، كما حصل على شهادة الامتثال لأمن السفن والمرافق المينائية، وحصد جائزة الميناء الأكثر تطورًا، وتحليل هذه النتائج التي حققها الميناء قبل انتهاء تطويره يشير إلى معدل نجاح لافت، كما يشير إلى مجموعة من العوائد المهمة حققها اقتصاد المملكة في إطار حركة الاقتصاد العالمي.