تُشكل الألغام الأرضية تهديداً خطيراً في المناطق التي تأثرت بالصراع في شمال اليمن؛ حيث خاضت القوات الحكومية ضد المتمردين الحوثيين، ست جولات من الصراع بين العامين 2004 و2010، وفي الجنوب حيث يستمر القتال بين القوات الحكومية وجماعة القاعدة المتمركزة، وتَضاعف التهديد بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية؛ حيث لم تكتفِ ميليشيا الحوثي الانقلابية والمدعومة من إيران بأن سرقت سعادة اليمن بالحرب التي ترتكبها؛ بل وصلت لتكون أول مهدد لاستمرار الحياة.
وأجمعت عدة تقارير متفرقة لمنظمات حقوقية دولية على أن الحوثيين تَعَمّدوا زراعة نحو مليون لغم في اليمن، وتسبب تفخيخ الحوثي منازل ومزارع المدنيين في مقتل وتشويه الآلاف وإعاقة عودة عدد كبير من النازحين إلى منازلهم، وتعطيل الحياة في عدد من المحافظات المحررة.
وذكرت التقارير الحقوقية أن الحوثيين استخدموا ألغاماً لاستهداف الأفراد، وكذلك ألغاماً أخرى محظورة ومحرمة دولياً تستهدف المركبات؛ من أجل تخليف أعداد أكبر من الضحايا، كما استخدموا الألغام بطرق تخالف كل قواعد الحرب الدولية؛ حيث قاموا بتفخيخ منازل المدنيين ومزارعهم بطريقة عشوائية؛ بوضع الألغام في الثلاجات وعلى أبواب المنازل وفي دواليب الملابس، إلى جانب المزارع، بما يخالف القوانين والأعراف كافة، وهم بذلك يستخدمون أدوات القتل بطريقة أكثر إجراماً.
ولم تستجب الميليشيا الانقلابية لدعوات المنظمات الحقوقية الدولية لوقف زراعة الألغام وتدميرها؛ بل تواصل جرائمها المتعددة في حق الشعب اليمني، وزراعة حقول من الألغام براً وبحراً، كما تنتهج زراعتها بطريقة عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط؛ مما يشكّل صعوبة بالغة في التخلص منها سريعاً وكشفها بسهولة.
وتُعَد زراعة الألغام من الجرائم ضد الإنسانية؛ حيث تُلحق بالأشخاص عاهات مستديمة، ويحتاج اليمن إلى أعوام طويلة من أجل التخلص من تلك الألغام؛ نظراً لعدم وجود خرائط توضح أماكن وجودها، كما تشير إحصائيات محلية يمنية إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين قتل وبتر أطراف، ولا يزال الرقم في تصاعد؛ نظراً لتوسع الحرب في مناطق مأهولة بالسكان.
من جهتها، وجّهت الحكومة اليمنية عدة مرات، نداءات عاجلة إلى المجتمع الدولي؛ لمساعدتها في نزع الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي الانقلابية بكثافة وبطريقة عشوائية في المناطق التي كانت تحت سيطرتها؛ مؤكدةً أن القضية مؤرقة للحكومة والمواطنين، خصوصاً أن زراعتها تمت بطرق عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط؛ مما يشكل صعوبة بالغة في كشفها والتخلص منها.
وتأمل الحكومة اليمنية مساعدة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بإزالة الألغام، وتقديم المساعدة الفنية والتكنولوجية والمادية؛ لمنع سقوط مزيد من الضحايا والجرحى بسببها.
وتبقى تلك الألغام أكبر مهدد لحياة الإنسان والحيوان في حاضر ومستقبل اليمن؛ حيث إن بقاءها سيتسبب في مزيد من حصد أرواح مئات الضحايا من المدنيين الأبرياء خصوصاً من الأطفال والنساء، وفي أضرار بشرية ومادية جسيمة، قد تستمر لسنوات، وتصبح عنواناً بارزاً في مستقبل اليمن.
ويتمثل حل هذه المعضلة، في حاجة اليمن -بشكل عاجل- إلى جهود إنسانية دولية ضخمة لنزع تلك الألغام وتطهير الأرض اليمنية منها، وتحييد خطرها وإعادة روح الحياة إلى الأراضي المحررة من قبضة تلك المليشيات الانقلابية.