تُعد جمعية الكشافة العربية السعودية، من أقدم المؤسسات الأهلية التي مارست العمل التطوعي بالمملكة حيث بدأت ذلك العمل في عهد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود – رحمه الله – عندما أصدر مجلس الشورى – آنذاك- قراراً بتاريخ 13 رجب من عام 1357هـ بالموافقة على تأسيس فرقة الكشافة العربية السعودية، ومن ذلك الحين وهي تعمل على خدمة المجتمع والأفراد ويتصدرها العمل الذي تنفرد به عن مثيلاتها من الجمعيات الكشفية الوطنية حول العالم التي يبلغ عددها 174 جمعية، تفردها بخدمة حجاج بيت الله الحرام التي بدأتها أواخر السبعينيات الهجرية بمجموعة من كشافي العاصمة المقدسة بلغ عددهم 100 كشافٍ كان عملهم مقتصراً حين ذاك على التعاون مع جهاز وزارة الحج بالأراضي المقدسة، ثم شاركهم مجموعة من كشافي محافظتي جدة والطائف إلى عام 1382هـ حتى اتسعت دائرة الخدمة لتشتمل الإسهام مع جمعية الهلال الأحمر السعودي في تقديم الخدمات الطبية، إلى أن وصلت في حج العام الماضي بالمشاركة التطوعية مع وزارت الحج والعمرة ، والصحة، والتجارة، ومع الأمن العام ، وأمانة العاصمة المقدسة، ومشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي، والمركز الوطني للرقابة والالتزام البيئي، حيث شارك في ذلك الموسم فقط 3993 من القادة الكشفيين والفتية والشباب الذين سجلوا خلالها 299178 ساعة تطوعية.
وتحرص الجمعية في العقدين الأخيرين على الاهتمام بالعمل البيئي من خلال العديد من المشاريع والمبادرات ومنها المشروع الكشفي الوطني لنظافة البيئة وحمايتها الذي أطلقته عام 1430هـ، وآتى ثماره داخل المملكة وخارجها كأحد التجارب الناجحة في المجال البيئي، واستطاع أن ينمو وينتشر في جميع انحاء المملكة، كما استطاعت الجمعية ومن خلال الشراكة مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، ومع الجمعيات المجتمعية ذات النفع العام التي تهتم بالبيئة أن تساهم في تحقيق استدامة البيئة، وأطلقت الجمعية عام 1444هـ مبادرة معاً إلى الحياد الكربوني (التشجير البيئي لتقليل انبعاثات الكربون)، والتي هي مبادرة تسعى الجمعية لتنفيذها بمشاركة كافة القطاعات، والجهات الكشفية، والوحدات الكشفية، وأفراد المجتمع، لرفع وتيرة برامج التشجير لتتواكب مع مبادرة المملكة "السعودية الخضراء" ضمن جهودها لمكافحة التغير المناخي في خفض انبعاثات الكربون، والوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون، والمساهمة في رفع مستوى الوعي المجتمعي بالقضايا البيئية.
وفي جانب المشاركة بمواجهة الأزمات والكوارث، تحرص الجمعية على المشاركة مع الجهات المعنية وفق الأسس والمبادئ الكشفية وبما يبرز دور جمعية الكشافة في هذا المجال وإبراز الدور التربوي للحركة الكشفية للمجتمع وتعريفه بها، وتعمل على تأهيل القيادات الكشفية لتلك المهام ، ويسجل التاريخ للكشافة السعودية العديد من المحطات في ذلك الشأن ومن أبرزها المساهمة في إغاثة منكوبي العدوان 1967م، حيث نظموا حملة لجمع التبرعات لأسر ضحايا الحرب، وأسهمت الكشافة حينها بجمع 480 ألف ريال، وقطع ذهبية وملابس وبطانيات، كما كان لهم حضور فاعل في مواجهة أثر الحريق الذي اندلع في مخيمات الحجاج بعد انفجار اسطوانة غاز عام 1975م ، حيث شاركت الكشافة حينها مع الجهات ذات العلاقة في نصب 1000 خيمة خلال 12 ساعة ، كما ساهموا في نصب الخيام بمشعر منى بعد الحريق الذي نجم عن سخانة تعمل بالغاز عام 1997م، وشاركوا في إيواء الحجاج عام 2009م بعد الأمطار التي شهدتها مكة المكرمة وجدة ورابغ ، كما كان لهم حضور لافت ومشهود أثناء الزلازل التي ضربت العيص والقرى المجاورة لها عام 2009م والتي وصلت إلى محافظات العلا واملج، وشاركت كذلك بمختلف قطاعات الجمعية في بناء مخيم للأسر النازحة من محافظة الحرث عندما حاولت عناصر من الحوثيين على زعزعة الأمن حتى تم دحرهم وحسمت القوات المسلحة السعودية البرية والبحرية والجوية الصراع معهم عام 2009، وشارك الكشافة في محافظة جدة بمختلف قطاعات الجمعية في أعمال الإغاثة التطوعية لمساعدة المتضررين من السيول التي تعرضت لها محافظة جدة عام 2011م ، ، والمشاركة في عمليات الإسناد والإيواء والإخلاء، وشكلت الجمعية 13 فريقاً قوامها 1500 عضواً من الجوالة والقادة والرواد ، موزعين على المناطق الإدارية الثلاثة عشرة للمملكة أثناء أزمة كورونا ، اسهموا في الخطط الوقائية للتصدي لتلك الجائحة العالمية.
ويُسهم الكشافة في تقديم الخدمة التطوعية بتقديم أعمال الصيانة للأسر المحتاجة تشمل أعمال النجارة والكهرباء والتبريد والتكييف في منازل الأسر المحتاجة، بالإضافة الى إصلاح مركبات ذوي الدخل المحدود، وتنظم الكشافة السعودية من خلال قطاعاتها حملات للتبرع بالدم، وأهتمت بزراعة أشجار المانجروف لما تمثله تلك الشجرة من أهمية كونها ملجأ للعديد من الكائنات الحية من الأسماك والجمبري والقشريات المهمة اقتصاديا ، وباعتبارها مواقع لصغار عديد من الكائنات البحرية حيث تجد فيها الغذاء والحماية وقدرتها على إزالة التلوث من المياه ، إضافة إلى حمايتها للأراضي الساحلية من التآكل ، ومساعدتها على انتشار رقعة يابسة للأراضي ، ودفع المياه البحرية ، ومصدر للرعي والوقود ، بخلاف فوائدها الجمالية والترفيهية.
@
Mawdd3@
مبارك بن عوض الدوسري