ولدي الحبيب:
وأنت تستيقظ كل صباح على أصوات المآذن ، وليس على قصف المدافع والصواريخ،
وتذهب إلى مدرستك آمنا لا تخشى أن يخترق ظهرك رصاصة طائشة ،أو ينفجر تحت قدميك لغم غادر، أو يروع أمنك قاطع طريق..!
ولدي وأنت تجلس في فصلك على مقعد مريح ،وطاولة ناعمة، وليس على الحصيرالخشن أو الأرض العارية!
وبدلا من الغرق في عرقك المتصبب من جميع مسامات جسدك: فإنك تختلف مع زملائك حول تشغيل مكيفَي الفصل معا أم الاكتفاء بمكيف واحد!
ولدي وأنت تدرس في فصل مستوي البناء زاهي الألوان نظيف الأرض والجدران ، وقد جُند لأجلك أفضل المعلمين، وسُخرت لك أفضل الأدوات وأحدث التقنيات،وطبعت لأجلك ملايين الكتب بإخراج بديع وطباعة فاخرة :
فإن غيرك يدرس في العراء بلا كتاب ولا مدرسة !
ولدي وأنت تلبس ثوبك الأبيض الناصع الذي اخترت أنت قماشه، وشاركت الخياط في أدق تفاصيله، وقد أحكمت إقفال أزراره، وتمعنت وأنت تختار الكبك المناسب له، وطلبت من الكواء أن يعتني بشماغك المميز، ثم أطالت أصبعك الضغط على رأس عطرك الغالي حتى ضج المكان خلفك بالأريج!
بينما يلبس غيرك أسمالا بالية لا تكاد تستر أجسادهم النحيلة وقد فاحت منه رائحة التعب والعرق والمرض!
ولدي وأنت تركب سيارتك وتدير محركها باتجاه مدرستك الجميلة ، أو جامعتك الفخمة أو ملعبك الواسع أو مطعمك المفضل، دون أن تفكر أنه كان بإمكان الأرض أن تعيد تدويرك وأنت تسعى في مناكبها على قدميك بلا وجهة ولا وطن، ولا حتى ربع رغيف يابس!
ولدي وأنت تغضب لانقطاع التيار الكهربائي لدقائق، وتتذمر من غياب شبكة الانترنت لنصف ساعة؛
فإن هناك وربما في مكان قريب منك من ينقطع عنه الأكسجين وهو في العناية المركزة، أو ينقطع عنه الماء لأيام طويلة، حتى يشرف على الهلاك.!
ولدي وأنت ترى وطنك يحتل المرتبة الأولى في قلوب العرب والمسلمين وتسطع شمسه كل يوم لتغمر ثلث من الكرة الارضية بالحب والعطاء...وتغمر الثلثين الآخرين بالهيبة وقوة الظهور والحضور:
فإن هناك من أصبحت بلاده مجرد اسم باهت على الخريطة الورقية الصفراء، رغم إنها لا تقل عن وطنك في الموارد الثروات..ولكن نهبتها الأطماع البشرية ومزقتها الفتن ودمرتها الحروب ..!!
ولدي وأنت ترى اسم المملكة العربية السعودية يدوي في العالم، ويرن كدنانير الذهب على رخام المشهد العالمي،
فيهبط اسمها بردا وسلاما على ملايين المحبين من العرب والمسلمين والكثير غيرهم، وينداح في مسامعهم كموسيقى الفجر الفاتنة،
وترى نفس الاسم يهوي على أعدائها كالصاعقة السماوية الحارقة :
فإن هناك من نسي قاموس الأرض اسم بلاده فسقط في مجاهل النسيان، وابتلعه التاريخ ، بعد أن ألقاه حكامه في غيابة البؤس ..!
ولدي وأنت ترى الحكام في بلدك يجعلون رفاهيتك هدفهم، وأمنك غايتهم، ورضاك مقصدهم:
فاجعل روحك تصدح ليل نهار:
" رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " …
ولدي وأنت ترى قادة بلادك
يصدحون بلا إله إله الله في كل محفل،ويدافعون عن قضايا الإسلام ويحملون هموم المسلمين في كل حال، ويقفون بين جموع الركع السجود خاشعين خاضعين لله العظيم:
فإنك ترى غيرك وقد حكم أوطانهم الجبابرة، ومزق الطغاة توحيدها ووحدتها، وفتكوا بأمنها وأمانها، ونهبوا مقدراتها وثرواتها ، ثم رموا أبناءها على قارعة الفقر والخوف ..!
ولدي هل تذكر يوم تأتِني باسما وفي يدك جوالك، ثم تفتح لي مقطعا قصيرا يظهر فيه ولي العهد وهو يطأ تراب أعتى القوى العالمية بعزة المسلم وشموخ العربي، تحكي خطواته الواسعة أحلامك وأحلام الشباب السعودي، وتعكس وقفته الشماء افتخارك وافتخار الشباب المسلم، وقد اعتلى مشلحه العربي ثوبه السعودي وكأنه في الرياض؟!
لقد كنت أرقب ابتسامة الإعجاب ترتسم على وجهك، ونظرة الفخر تقدح من عينيك.!
وحينها تساءلت:
هل أنا محظوظة لأنني أشهد هذه الفترة المميزة في تاريخ بلادي..وأشارك بكل ما أملك في زراعة غراس الرؤية، وأردد سرا وجهرا:
" رب اجعل هذا البلد آمنا"..
أم أنك أنت المحظوظ؛ لأنك ستشارك - إن شاء الله - مع ملايين الشباب في قطف ثمارها!!؟