قد تشتري كمًّا من اللاعبين الدوليين (السوبر ستار) ومعهم أعتى مدربي العالم، وتتفنن في تسويق موسمك الرياضي من خلالهم، لكن هيهات أن تستطيع أن تتقدم بفضلهم لمصاف الدوريات الأعلى والأشهر والأجمل إن لم تكتظ المدرجات بمتعة كرة القدم وحياتها، فالجمهور هم الملح والنكهة ورونق كرة القدم التي لا تزهو إلا بهتافاتهم، ومشاكساتهم، وتحليلاتهم، وحركاتهم التي باتوا يتفننون في نثرها بتنسيقات مبدعة تحركها العاطفة ذات المنبع الأصيل الذي لا يعترف بالماديات والشكليات والمصالح الذاتية.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد لفت انتباه الشارع الرياضي ما يحدثه الجمهور الأهلاوي في مدرجات القلعة، والتي اعتقدنا قبل بدء الموسم بأن تلك المجانين ستختفي وتتوارى خلف أستار دوري يلو، بينما الواقع أثبت لنا بأن العشق لا حدود له، لذا ومن باب الإنصاف نذكر إعجابنا بهم حينما أضافوا لدوري المظاليم نورا سيفتح آفاقا جديدة نحو اكتشاف مواهب ولدت وماتت هناك دون أن ترانا أو نراها.
أكبر الخاسرين والمتأثرين سلبا من غياب الأهلي القسري هذا الموسم وعدم تواجده في دوري الكبار هو فريق الشباب الذي كان يلعب على وتر استفزاز الأهلي فتارة يكسب النقاط بالملعب، وتارة إثارة الإعلام، وعلى إثرها يجلب مزيدا من الجماهير لمدرجاته بأعداد بدأنا نلحظ تناميها من موسم لآخر، لذلك ربما يعود السيد الرئيس لمماحكة النصر من جديد، بعد فقده لصديقه الأخضر اللدود، وهذا الأمر لا يعيب الشباب وإنما يزيد من ثقتهم في رئيسهم خالد البلطان الذي يعرف من أين تؤكل الكتف.
جذب الجماهير فن راقٍ ومهارات إبداعية على صناع القرار في أنديتنا أن يبذلوا جل اهتمامهم بتعلمها وإجادة التعامل بأوراقها والتلاعب بها في مضمار المنافسة لكسب أرصدة وافرة من ملهمي المدرجات بحضورهم اللافت وأصواتهم الفاتنة وحركاتهم الانسيابية التي تضفي جمالا وبعدا آخر يجعل لدورينا المتانة القوية التي تجذب المستثمر الكبير، وبذلك رويدا رويدا نصبح الدوري الأقوى والأغلى والأفخم ليس عربيا فقط، ولربما لأبعد من ذلك.
لذا على الأندية وبتشجيع من وزارة الرياضة أن تتنافس على الأكثر مقاعد كمًّا ونوعا، وتخصص متمكنين يجيدون الجذب وحسن استثمار مدرجات تكاد تسكنها الأشباح في بعض المباريات.
ختاما أود أن أتحدث عن الفريق الذي نعده من الكبار الأربعة وإن نأت به الظروف عنهم، ذلك الفريق الذي تجده في كل الزوايا المظلمة يخنقه صمته أكثر من جدران الزوايا المحيطة، ولكن ما يمنعني وبعض الإعلاميين من خوض غمار مناقشة فريق كبير كالاتفاق ليس خوفا من ردة فعل جمهوره أو غضب رئيسهم الشاب، وإنما احتراما لأبيه رمز الاتفاق ورياضتنا السعودية عبدالله الدبل رحمه الله، لكن يبدو قد آن الأوان لأن يقال للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت قبل أن يصبح طموح الاتفاق أقل من مجرد البقاء في منطقة الدفء.
توقيعي:
الحياة ممر، تبعثره الأحداث ويلملمه الصبر.