اشتقت لعيد قريتي، وحينما أقول اشتقت فهنا أتحدث عن زمن غبت خلاله عن مشاركة قريتي فرحتها بالعيد وفرحة ناسها الطيبين.
من طول المدة نسيت آخر عيد احتفلت به هناك، لكن بقيت في الذاكرة تفاصيل تدفعني مع طلة أي عيد للمجاهرة باشتياقي لعيدك يا قريتي.
أحب جدة، فهي بالنسبة لي «غادة هيفاء»، لكن الحنين للقرية يملأني، فمن خلالها أجد أمامي قصص البدايات وجمالها، وعبر جدران منزلنا في «المبنى» تبكيني الذكرى وتأخذني الصورة إلى وجوه بها كبرت طموحاتي وعبرها أعيش الحزن على رحيلها.
يا ترى ماذا بقي لي في ذاكرتك يا قريتي؟ هل تذكريني سؤالا أستفز من خلاله ذاكرة المكان؟ أما الزمان فقد ارتسم على تجاعيد وجهي ووجهها ما زال في عينَي كما أحببته أول مرة.
«المبنى» التي اختار لها أهلها القدامى موقعا مرتفعا عن بقية القرى المجاورة لها هي نفسها التي اختارت لها مكانا عاليا في قلبي وذاكرتي لم ينل منه هوى جدة.
في تلك الزوايا، بل تلك الأزقة الضيقة وجدت ذاكرة قرية سكنها أجداد الأجداد، ووجدت بعضاً من ملامح وجه جدتي الطيبة التي رعتني بعد أن ماتت أمي وأنا في السنين الأولى من عمري، ويا لها من جدة، بل أم، إلى الآن ما زلت أعيش الحزن على فراقها، كيف لا وهي أمي.
صعب أن آتي على الحديث عن قريتي دونما الحديث عن جارتنا أم عبدالله (رحمها الله) وابنها عبدالله محمد عطيه، الذي هو أخي الذي لم تلده أمي، أما أمنا أم عبدالله فرحلت وتركت خلفها حزن قرية وليس حزن عائلة فحسب.
رحلت وإلى الآن «المبنى» تبكي رحيلها وأبكي مع قريتي فراقها.
أخاف من الحزن مع أنه يسكنني، وأخاف من الغربة مع أنني ابنها.
لا تغرك الضحكة ترى كلي أحزان
لو تضحك عيوني ترى كلي جروح
أخفي ورا عيوني من الدمع هتان
ومن خلف صمتي أخفي الهم والبوح