إنّ الجود صفة تحمل صاحبَها على بذل ما يَنبغي في وجوه الخير وما ينفع الناس، ولا يروم من وراء ما يبذله عوضاً ولا ثناءً، وهو يُنفق ما يُنفق مرضاة لله جلّ وعلا، وإسعاداً للسائل والمحروم. أمّا الكرم فهو إنفاق المال في الأمور الجليلة القدر، العظيمة الأثر، والكثيرةِ النَّفع. وما أحوج النَّاس إلى هذا الخُلق العظيم، في زمنٍ تفشَت فيه كلُّ مظاهر الأنانية والبخل والشح.
والجود والكرم من صفات الله عز وجل، وأبواب الجود والكرم واسعة ومتعدّدة، وأشكالها ووسائلها مختلفة، والجواد الكريم هو من يجود بما استطاع؛ من إطعام جائع، وقضاء حاجة، وإعانة مُعسر، ومساعدة طالب علم، وإدخال السعادة والسرور إلى قلب صديق أو قريب. والجود والكرم خلُق عظيم، وعملٌ صالح جليل، أَمر به ربُّ العالمين، وحثَّ عليه سيد المرسلين. وهما خصلتان ساميتان من أخلاق الإسلام الفاضلة، وبهما تسُود المحبَّة والمودَّة في المجتمعات، وبالجود والكرم تتوثّق عُرى التكافل والتعاون والتراحم بين الناس في أسمى أشكاله، ويعمّ الخير والفرح، وفيهما قال الشاعر:
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ
لايَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ
وصاحبنا ابونايف الوجيه ورجل الأعمال محمد الذييب من أولئك الرجال الذين لم يخلُ الزمن من وجود امثالهم وكأنّ الله قد أنبتهم في الأرض ليكونوا قدوةً ومثالاً لغيرهم حتى لا ينقطع الخير عن وجه البسيطة،
وهو اضافة الى نُبله وسمو خُلقه عُرِفَ بالصلاح والتقوى، وحب الأدب والثقافة وسِعة الإطلاع ولتجتمع في ذاته السامية مبادرات فعل الخير والسعى إلى خدمة الناس وتغمره سعادة وارفة كلما رأى بسمة الفرح على ثغر مكروب قد فرّج الله كربه، أو سمع دعاء من مكلوم أو محزون يدعو الله أن يسبغ على منقذه لباس العافية، ويزيده مالاً وجاهاً ونعيماً ومقاماً محموداً في الآخرة، وهذا ما يرجوه من الخالق، ويزداد إصراره على بذل المزيد مّما أنعم الله به عليه.
ولعلّ أعلى مراتب الجود والكرم هي تلك التي يبذلها الشخص ويأبى أن يُذاع اسمه بين الناس زهداً وتواضعاً، حيث الكرم صفة النبلاء، والجود من شِيَمِ الرجال وصفات الشجعان، والله يُحبّ كلّ كريم حليم، ومن يهب الناس دون مِنّة ولا مقابل هو الجواد الكريم. وفي بلادنا الكريمة التي منّ الله عليها بالخير والبركة؛ هناك العديد من هؤلاء الكرام الصامتون واشهد ان محور حديثي في هذا المقال من اولئك الذين امتدت اياديهم بالخير والعطاء ومبادراته الخيرية والإنسانية والإجتماعية اكثر من حصرها .
أن الكرام هم الذين يمنحون غيرهم فرصاً للحياة السعيدة الكريمة ، والقلوب النقية هي وحدها من تجيد العطاء وتعرف مواضعه، لأنّ أصحابها من ذوي النفوس السخيَّة، والأكفّ الندِيَّة، ولديهم رؤية ثاقبة تقودهم إلى دروب الإحسان وأبواب البرِّ والعطاء وهم يحفظون عن ظهر قلب قوله سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ . البقرة:(274).
وتختزن بطون الكتب منذ بداية التدوين؛ ملايين الصفحات الحافلة بالشعر والنثر والحِكمة، وبالمآثر والمفاخر والأعلام الذين تصدّروا وغدوا حديث المجالس بسمو جودهم ونبل أخلاقهم وبياض أكفّهم، وما خفي أعظم من تلك الفئة النبيلة، وهم أولئك الذين يبذلون بصمت، ولا يرجون مّما يقدّمون سوى مرضاة الله ورسوله.