كتب الأديب الجزائري الكبير الطاهر وطار روايته الخالدة ( عرس بغل) وهي رواية جميلة تحكي عن المجتمع الجزائري ولعلنا في البداية نفهم العنوان ف( البغل) حيوان عقيم نتيجة تزاوج بين الحمار والفرس نتيجة هذا الزواج يأتي حيوان البغل وهو يرث من الفرس القوة ومن الحمار شدة التحمل، إذن نحن بين حمار وفرس والبغل حيوان عقيم فكيف يمكن أن يقيم عرس لشخص عقيم أصلا.
يتساءل الطاهر وطار عن طريق الحاج كيان ويطرح الطاهر وطار الكثير َمن التساؤلات الفلسفية على لسان الحاج كيان هذا الرجل الحكيم ويرسم مراحل رحلة هذا الشخص فيقول ( عندما اجتاز الحاج كيان سياج الصبار المحيط بالمقبرة، ووجد نفسه يتسلل بين القبور في دربه المعتاد تساءل :-
_ ترى من أكون اليوم، المتنبي، أو حمدان قرمط، أو زكرويه الدنداني، أو أحد خلفاء بني عباس أو أحد غلمانهم أو قوادهم.
وقبل أن ينزل إلى خلوته، وقف كعادته يدرس الوضع.)
في رواية ( عرس بغل) يحاول الأديب الجزائري الطاهر وطار رسم صورة للإنسان المسكون بأعباء الحياة والذي يتحمل المسؤوليات وهو يرى أن الهروب من مسؤوليات الحياة هي خير طريقة لمتابعة الحياة.
الحاج كيان هو فيلسوف الطاهر وطار في هذه الرواية وعلى لسانه تجري الحكم والأمثال والعبارات الفلسفية والحاج كيان شخصية فلسفية فتارة يقول :- ليس في الجبة سواي وتارة يتساءل هل هو المعتصم، المنتصر المعتز بالله، موسى بن بغا؟ وكما نلاحظ فهذه الشخصيات جميعها شخصيات تاريخية سواء لقواد أو شعراء في العصرين الأموي والعباسي.
الطاهر وطار كاتب جزائري عاش في بيئة ريفية اكسب الرواية العربية وخصوصا الجزائرية طعم ولون خاص وله العديد من الأعمال غيرها كالزلزال واللاز وتجربة في العشق وأخيراً العشق والموت في الزمن الحراشي.
يقول الطاهر وطار في قلب الرواية في عنوان ملفت للنظر ( العرس عرس.... وان كان عرس بغل) ولعله أراد أن يلفت انظارنا إلى أن البغل حيوان عقيم لا يلد فكيف يقام له عرس كما أن البغل نتيجة تزاوج بين حيوانين مختلفين وهما الحمار والفرس، هكذا يبدو المجتمع الجزائري بعد الثورة فهو في حالة عرس بغل.