ما أن يحل المساء حتى يبدأ شاب في مقتبل العمر بالطواف حول جامعة الملك سعود ،يتأملها بعينين غارقتين في بحر من الأمنيات والدموع..ويخاطبها بلا كلمات..
فهو يحمل على ظهره حملا ثقيلا من الفشل الذريع في الثانوية تمثل في الرسوب لسنوات متتالية جعلت إدارة المدرسة تطلب منه مغادرة أسوارها للدراسة الليلية ، لكنه غادرها للشارع مباشرة..
تركت الثانوية جرحا غائرا في روح الطالب المطرود الذي اصطدم بنظام تعليمي شديد القسوة جعله عاجزا عن التعايش معه أو التغلب عليه..
وكانت كبينة الاتصالات حلا مؤقتا لتجمع شتاته المبعثر مابين واقع قاس وحلم جامعي يتوارى في الأفق..
تلك الليلة جاءه شقيقه طالبا منه أن يتناولا طعام العشاء معا..
لكن وجبة العشاء لم تكن سوى “ ساندوتشا” مقسوم لنصفين..!!
في اليوم التالي انتقل الشقيق لرحمة الله في حادث مروع ، تاركا طفليه ووالدتهما..
هنا وقف الأب مقترحا على ابنه” خطاف” أن يتزوج أرملة أخيه ليرعى طفليه، وأغمض خطاف عينيه وهو يتذكر اللقاء الأخير بشقيقه - لقاء اقتسام اللقمة - وهمس لنفسه وهو يهز رأسه بالموافقة: لقد فهمت..!!
لم يكن خطاف قد تجاوز ربيعه التاسع عشر في ذلك الحين..!!
كبينة الاتصالات وراتب الألف ريال لم تعد كافية لرب الأسرة الصغير، لذلك بدأ في البحث عن وظيفة جديدة، مشط شوارع الرياض كسائق أجرة ، ثم اقتحم سوق الخضار وزاحم العمالة الوافدة بمنكبيه الصغيرين وكانت تجربته ثرية في هذا الشأن ، حتى توظف في أمانة مدينة الرياض براتب لا يصل إلى الألفين ريال..
ولأنه بدأ حياته بالزواج فالوظيفة فإكمال الدراسة أصبح الضلع الثالث ليكتمل مثلثه المقلوب..
وبعد ٦ سنوات من مغادرة مقاعد الدراسة مجبورا لامختارا عاد إليها مختارا لامجبورا ولكن بنظام الدراسة الليلية ، وهنا أثبت جدارته وحقق النجاح تلو النجاح وطيف جامعة الملك سعود يداعب خياله ويسافر به بعيدا ثم يعود!!
قدم خطاف ملفه للجامعة التي وصلتها رغبته الجامحة فلم تشأ أن تكبحها، فاستقبلته لتسكب قليلا من الفرح في قلبه الكسير..
لكن دوامه الصباحي كسر هذه الفرحة وتعنُت مديره في العمل كاد يخنقها عندما رفض الموافقة على تحويل عمله للفترة المسائية..
لكن إصرار خطاف على السير قدما في العمل والدراسة معا ذلل له الصعوبات فانفرجت أزمته ووطأ بقدميه حرم الجامعة التي ظل يحلم بها في يقظته ومنامه، وهنا أطل التحدي برأسه من جديد:
خطاف أصبح إماما لمسجد الحي ومحاضراته تبدأ في الثامنة صباحا والعمل ينتهي في الثانية ليلا!!
أي أن عليه يأوي إلى فراشه بعد الثانية صباحا ويستيقظ فجرا ليؤم المصلين ويتوجه لجامعته قبل الثامنة ويعود منها لمزاولة عمله المسائي!!
بالإضافة لمسؤولياته الكبرى تجاه أسرته..
لكن كل ذلك لم يمنعه من حصد النجاح بل والتفوق في الجامعة التي كان يعتبر لقاءه بها حلم غارق في الجمال..
هنا أراد الله سبحانه وتعالى أن يكافئ تلك الروح المتعالية على آلام الحياة وغصصها وذلك الجسد المنهك على قارعة المهام المتلاحقة بلا توقف: فتم تعيين خطاف معلما فور تخرجه!!
ولأن خطاف طرق أبواب الجامعة مجردا من كل شيء من قبل، فقد عاد إليها متسلحا بالعلم والنجاح من جديد ليحضر الماجستير فيها، ثم لينطلق بعدها في عالم التسويق والتجارة ليصبح الشاب السعودي الملهم “ خطاف الخطاف” @khattaf1 اليوم واحدا من الشخصيات المؤثرة في عالم التواصل الاجتماعي وشريكا لعدد من المشاريع ومؤسسا لمشاريع أخرى ، وقائدا لنحو ٣٠ ألف شاب وشابة يرقبون خطواته المشرقة بحب، ويرصدون إنجازاته المتتالية بإعجاب، وينهلون من تجاربه الثرية بسخاء ، وهو يسير أمامهم بثقة وقد سحق سيجارته الأخيرة تحت قدميه، وسحق معها كل شبح للفشل أو التراخي، رافعا عينيه للسماء ودعواته لازالت تمطر...!!
- 2024/11/23 قصي الزهراني دفعته مشاعر الحنين للعودة لمدرسته بمحايل بعد فقدان أسرته في السيول
- 2024/11/22 تكرَّيم “حُباشة” لدورها الإعلامي في تغطيّة برامج وأنشطة جمعيّة خيركم بمنطقة مكة المكرمة
- 2024/11/22 أفراح آل حرب وآل الغامدي في عسفان
- 2024/11/14 في يوم “داء الحلو” .. شاولي : الجلد يتأثر بمرض السكري وهذه أبرز النصائح للجميع
- 2024/11/14 تًُوقيعَّ اتفاقيّة لدعم وتمكين مستفيدي فرع وزارة الموارد البشريّة بمنطقة مكة
- 2024/11/13 جامعة الأعمال تحتفل باليوم الرياضي للأتحاد السعودي للرياضة الجامعيّة
- 2024/11/13 كفى توعّي 600 زائر بمدينة الملك عبدالعزيز الطبيّة
- 2024/11/12 جمعيّة شباب حلي تكرم صحيفة ” حباشة ” لتغطيتها الحفل الختامي للبرامج والأنشطة
- 2024/11/12 الاتحاد العالمي الإسلامي للكشافة والشباب ينشيء مركزه الإعلامي تترأسه الطيب
- 2024/11/12 مجموعة متنوعة من ورش العمل والمحاضرات في معرض الرياض الدولي للمنسوجات في نسختة الثانيّة في المملكة
المقالات > خطاف القلوب والأهداف
فاطمة السهيمي
خطاف القلوب والأهداف
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://hobasha.com/articles/228332/
التعليقات 1
1 pings
عبدالله بن عبدالعزيز
2022/01/03 في 7:05 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم
قصة ملهمة لجميع الشباب
ويكفيني فخر أني أو من سمى خطاف، خطاف القلوب فعلن رجل يحب الخير للجميع ومبادر متعاون لطيف.
(0)
(0)