ليس هناك شعور يضاهي شعور الوالدين بأن ابنهما ينتمي لصرح تربوي يرعى روحه قبل عقله، وأخلاقه قبل جسده..
‏ويندر أن تجد مدرسة تغمرك بالأمان كل صباح وأنت تستودعها فلذات أكبادك كما يحدث في مجمع عبد الرحمن بن عوف ،،
‏مرت سنوات تجر سنوات وهذا الصرح يباهي شمس النهار ألقًا فاتنًا ونورًا وهاجًا ، يذهب معلمون ويأتي آخرون والميزان التربوي في جنباتها لا يختل أو يميل..
‏تمضي أجيال ، وتعقبها أجيال ، وهذه المدرسة تشغل الناس وتملأ البصر : من عناوينها الكبرى إلى تفاصيلها الصغيرة..
‏لا أحد يمر بمجمع عبد الرحمن بن عوف ثم يمضي خالي الوفاض، مقيمًا كان أو عابر سبيل ..
‏فهي مدرسة تضرب في بيداء العقل أوتادها ، وتشد على أطراف الذاكرة مضاربها، فتشتعل في جميع الأزمنة نارها وأنوارها لتضيء ليل العابرين، وترفع علمها الخفاق فيكسو الفضاء الرحب بالبياض..
‏مجمع عبد الرحمن بن عوف في أرض العرضية درة وفي سماها كوكب دري، يكاد سنا برقه يخطف العقول التي صنعها جيلًا بعد جيل..
‏وفي وقت يتذمر فيه المجتمع من تراجع دور المدرسة التربوي وعودته القهقري يوما بعد يوم ، فإن مدرسة عبد الرحمن بن عوف مافتئت تمد خطواتها الواسعة نحو الأمام، باسطةً رداءها الأخضر لأبنائها، فاتحةً ذراعيها لاحتضانهم، تمد ساعدها الطويل لتنتشلهم كلما كبت بهم الخطوات، أو تعثرت بهم الدروب..
‏إن المباني الفخمة والمرافق الواسعة والفصول المجهزة - على أهميتها - لم تصنع الرجال يومًا ، وإنما تصنعهم القيادات الرائدة والكوادر المميزة والقدوات الحية وهي أمور اجتمعت كلها في مدرسة عبد الرحمن بن عوف..
‏وأرجو أن يكون هذا المقال مقدمة لكتابي الذي اعتزم - إن شاء الله - كتابته عن هذه المدرسة العظيمة بقائدها ومعلميها وإدارتها وجميع منسوبيها، وسيكون عنوانه - كما عنوان هذا المقال -
‏مجمع عبد الرحمن بن عوف: الكوكب الدري..!!