لم تستفد الولايات المتحدة الأمريكية من الدروس السابقة التي مرت عليها، وقد كان الدرس الأخير في أفغانستان قاسيا جدا، فقد زعمت الولايات المتحدة الأمريكية انها تدعم السلام والاستقرار في المنطقة ولكن الواقع كان يقول شيئا آخر، فالولايات المتحدة لم تكن تدعم عملية السلام بقدر ماكانت تتحيز لإسرائيل واللوبي الصهيوني على حساب المصالح العربية في فلسطين. لم يستفد العرب من الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ القدم واستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تشتري ذمم العرب في اتفاقيات أمثال اتفاقية السلام في كامب ديفيد واوسلو واتفاقيات وادي عربة، كل هذه الاتفاقيات كانت وصمة عار على جبين الأمة العربية الأبية التي ناضلت كثيرا من أجل الحصول على الاستقلال عن الأجنبي الغاصب لمقدرات الشعب العربي.
لقد تم استدراج مصر الناصرية التي كانت تدعي الزعامة على الأمة العربية والعالم الثالث إلى حرب مع إسرائيل فكانت النتيجة كارثية لأن مصر وان كانت الدولة العربية الأقوى وقتذاك الا انها كانت أضعف بكثير من أن تواجه العدو الصهيوني الذي كان يبني ترسانته النووية وقتذاك، فحصلت النكسة عام 67 والتي مازال العرب يدفعون ثمنها ويعانون من تبعاتها إلى الآن، كل ذلك حصل وواشنطن تقلب النظر في المنطقة بكل تحيز للمصالح الإسرائيلية في دول الجوار فلسطين وسوريا ولبنان والأردن.
حصلت أحداث 11 سبتمبر وقامت الحرب على الإرهاب وتم تحديد الدول التي تمثل محور الشر في الإدارة الأميركية التي كانت تفيق شيئا فشيئا من الوجع فقرر بوش أن يشن الحرب على أفغانستان والعراق ولكن الهزيمة كانت موجعة بالإضافة إلى الخسائر المادية والحشود الكبيرة التي كانت تحشدها الولايات المتحدة الأمريكية على الإرهاب.
على الإدارة الأمريكية الحالية والتي على رأسها بايدن أن تتفادى الأخطاء الفادحة التي توارثتها الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ إدارة بوش ثم أوباما ثم دونالد ترامب وبايدن وعليها أن تواجه مشاكلها بعقلانية أكبر وتحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط.
إن الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتولي طالبان الحكم هناك لهو أكبر دليل على الهزيمة الأمريكية في أفغانستان والتي ناضلت وحشدت لها الولايات المتحدة الأمريكية كل الحشود ولكن ماهي النهاية؟ خرجت ذليلة مهانة من المستنقع الأفغاني تماما مثل المستنقع العراقي ولعل الرؤساء الأمريكان أن يخجلوا من ترديد شعارات الحرية والعدالة في وطننا العربي والإسلامي لكن الواقع اثبت شيئا آخر وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتفهم سوى لغة المصالح وقد غرقت حتى الثمالة في المستنقع العراقي والافغاني بدون أن تخرج بشي يذكر.