،،
شرفتني جمعية الكشافة العربية السعودية أن أكون أحد ممثليها ضمن وفدها المشارك في المؤتمر الكشفي العالمي الثاني والأربعون الذي أختتم مؤخرًا، والذي كان مؤتمرًا ناجحًا بكل المقاييس رغم أنه يعقد افتراضيًا لأول مرة، وسجلت الكشافة العربية في هذا المؤتمر حضورًا جيدًا تمثل في إختيار الإتحاد العام للكشافة والمرشدات في جمهورية مصر العربية لاستضافة المؤتمر الكشفي العالمي القادم عام 2024م ، وفوز إثنان من الإقليم الكشفي العربي بعضوية اللجنة الكشفية العالمية : مهدي بن خليل من تونس، وسارا قطان من لبنان التي انتخبت بعد ذلك كنائب لرئيس اللجنة ، فضلًا عن انتخاب الشاب الحسن سلطان من الإتحاد العام للكشافة والمرشدات في جمهورية مصر العربية للجنة مستشاري الشباب، والقائد الكشفي المصري محمد عمر نائبًا لرئيس المؤتمر، إلا أنه بعد أن انتهى المؤتمر وفي الوقت الذي كنا نتمنى أن نفرح ونتبادل التهاني كمنتسبين للكشافة العربية ظهرت بعض الأصوات التي تلوم النفس وتلوم دولها بعدم تواجدها على ساحة المؤتمر كما حصل لمصر ولبنان وتونس، وهذا من وجهة نظري أمر غريب فبداية فإن تلك الدول جزء من المنظومة العربية وأكثرها حضوراً على كافة الأصعدة، فمصر تاريخها يؤكد أنها الدولة صاحبة الحضور في المؤتمرات العالمية منذ حياة المؤسس بادن باول، وكذا الأمر في لبنان التي بدأت مشاركتها في المؤتمرات منذ عام 1931م حينما مثلها في المؤتمر الكشفي العالمي السادس ببادن النمسا مصطفى عبدالباسط فتح الله، وعبدالله دبوس، وعبدالحميد عيتاني، وتونس يكفيها أنها مُنحت الثقة باستضافة المؤتمر الكشفي العالمي الـ 37 عام 2005 م، كما أن تلك الدول خرجت منها قيادات وصلت إلى اللجنة الكشفية العالمية منذ وقت مبكر، وبالتالي فلا يستغرب حضور تلك الدول في مثل تلك المؤتمرات، وكنت أتمنى بدلًا من جلد الذات ومحاسبة النفس والقاء اللوم على الجمعيات الوطنية أن نستحضر وجودنا الكشفي لماذا ؟
،،
ولعل في رسالة بادن باول الأخيرة ما يجعلنا نقتنع أن هدفنا الأساس شيء آخر وهو ماكتبه حينما قال : إعزائي الكشافين : " إذا رأيتم مرة لعبة " بيتر من " فسوف تذكرون ذلك القائد العظيم الذي أعد وصايا قبل موته، لأنه كان يخشى أن تداهمه المنية دون أن تترك له الوقت الكافي لقولها أو تسجيلها، وهذا نفس ما افعله الآن مع أني لست على فراش الموت، ولكن ذلك سيحدث يومًا ( ما ) ، لذا أردت أن أترك لكم كلمة وداع أخيرة، إنها آخر كلماتي إليكم ففكروا فيها جيدًا، لقد أمضيت حياة سعيدة واتمنى لكل منكم حياة سعيدة مثلها، إنني أؤمن أن الله أوجدنا في هذا الكون لنكون فرحين وسعداء في حياتنا، والسعادة لا تأتي من الغنى، والفرح لاينتج من نجاح الأعمال ولا من تحقيق ملذات النفس، أولى درجات السعادة أن يتمتع الإنسان بصحة جيدة وجسم قوي منذ الصغر ليستطيع الخدمة والاستمتاع بالحياة في الكبر، وإذا تأملتم الطبيعة ستجدون فيها الكثير من الجمال والفتنة والعجائب أوجدها الخالق لسعادتكم، فكونوا قانعين بما لديكم على أن تطمحوا إلى الأفضل وأنظروا إلى الأشياء من جهتها الحلوة اللامعة، لا من الجهة المظلمة، أما الطريقة الحقيقية لتكونوا سعداء فهي أن تهبوا السعادة للآخرين، حاولوا جهدكم أن تتركوا هذا العالم أفضل مما وجدتموها أنتم، وعندما يأتي دوركم فستموتون سعداء وأنتم تشعرون أنكم – وفي كل الأحوال – لم تضيعوا وقتكم دون فائدة أو جدوى، " كن مستعدًا " وبهذه الوسيلة تعيشون وتموتون سعداء، تمسكوا بعهدكم الكشفي دائمًا حتى بعد أن تقطعوا مرحلة الفتوة والله يساعدكم لتنفذوا ذلك" .
،،
أختم قولي بأن نجاح مصر ولبنان وتونس وممثليها نجاح لنا كل العرب، نجاح لإقليمنا العربي، جدير بنا أن نفرح بهذا المنجز ونتبادل التهاني، وأن نشكر الذين عملوا وجاهدوا في تلك الجمعيات، أو في الإقليم لتحقيق تلك المنجزات .