سأحكي حكاية فقيدي التي حكاها قلمي للسطور حتى ابكاها
عند عودتي من المدرسة بعد يوم طويل ومتعب أوصلتني حافلة النقل إلى منزلي وطرقت الباب عدة طرقات واخيرًا
فتح لي الباب
دخلت بتذمر وصراخ لماذا التأخير ؟؟
نظرت إلى أخي الصغير إذا هو يبكي ويقول كنا مجتمعين بغرفة والدي .. !
تذكرت ليلةُ البارحة كان يجهز حقيبته للسفر ..والآن ؟؟
تودعونه قبل ان يسافر
زاد بالبكاء وقال أذهبي إلى غرفته
ركضت إلى غرفته وآره مستلقي على ظهره يتمتم بالحديث مع أخوتي
ووالدتي تقف على عتبة الباب وتنظر له بصمت وعيناها تذرف الدمع
أرهقه الكلام حتى غاب عن الوعي وتم نقله إلى المستشفى
عدت إلى غرفتي لأبكي دون شعور حتى نمت .. واخيراً
استيقضت بالساعة العاشرة مساءً
إذا والدتي تخبرني بأنها تحدثت كثيراً مع والدي ويوصلني السلام
أتصلت به فوراً
أتصلت به صوووته متعب وبعيد جداً
وخافت ليهمس لي بحنان صوته ، غداً يوم عاشورا وسوف نصوم سوياً أخبري خواتك بذلك
تبادلت معه الحديث بضحكات وبعد دقائق أخبرني بآنه متعب وسوف ياتي غداً
أو نحن ناتي لزيارته إذا زاد مرضه
غداً كان يوم جميل، وشتاءً بارد ،وغيمهً ماطرة
وضحكات متبادلة وتوصيات دينية ليوم عاشورا
هاهو اليوم الذي فقدت فيه فقيد قلبي..مثل هذا اليوم رحل وتركني خلفه كي أموت بصمت
رن الهاتف مراتً عديده لاأرفع السماعه واسمع صوت أحسن الله عزاك
قلبي يخفق بشده يداي ترتجفان شعور متبلد مين مات؟؟
إذا بسماعه الهاتف تغلق دون جواب
بلحظه صمت يخالطها صوت الإسعاف الذي ملئ حارتنا بضجيجه
طررق باب المنزل بطرقات سريعه ليخبرنا أين اضعه ؟؟
لحظه صمت تعم المكان
إذا يدخل علينا بشخص مغطى بالكفن ليضعه بصاله العائله وينظر إلينا ولازال يردد اصبروا ..اصبروا
"البقاء لله وحده"
تقدمت بخطواتي المثقله لأارى من الذي يعزيني فيه القريب ويغلق السماعه لكي لااعرف..
ومن الذي سائق الاسعاف يوصينا بالصبر
من أجله ؟؟
رفعت الكفن رايت والدي
أغلقت عيناي ربما يتهيئ لي
فتحتها مجدداً
لا أنظر واعيد النظر من جديد
إذا بوالدي ويبدو كالملاك النائم قبلت جبينه البارد وهمست بإذنه
هكذا ترحل ياحبيب إبنتك
هكذا ترحل دون وداع ..دون موعد ..دون مبرر للرحيل
لحظه تأمل ؟؟
أقتربت منه اكثر
أتامل عيناه النائمتان .. مبسمه الضاحك مسحت بيدي على لحيته التي خالطها البياض
مسحت الدم من فمه ولازال يزداد ، أسمع صوت من خلفي يخالطه البكاء حاول الطبيب يساعده للمره الثانيه ولكن لم يستطيع ، ف الحمدالله على القضاء
صراخ وبكاء من حولي جعلني أفقد كياني
كيف رحل وبالأمس كاد معي وبالليل يوصيني
كيف يرحل بصمت ويتركني بين الضجيج
كيف ..وكيف ...
تساؤلات مبكيه لاجواب لها سوى إنه رحل ،
لحظات وداع حزينه صراخ تخالطها مناجاءه لله
أجبرنا يالله ،،صبرنا يالله
فجاءه ليدخل علينا قريب ، وغريب ،وصديق ،وحبيب
لاأخذه إلى قبره
تشبثت به بكيت عليه
مسكت بيده احتضنته وبكيت على صدره .. أتركوني معه لعله يصحى ..لعله يضم يدي التي ضممت بها يده
أجعلوني امتع عيناي بالنظر فيه أنها أخر نظره ..اجعلوني اتأمل كل شيى فيه
أجعلوني أودعه في أخر لحظه
هذي أخر موعد ألتقي به وبعدها سيكون لقائنا بالأحلام
كيف سيكون حالي بالليله الأولى والثانيه والأخيره من عمري
كيف ستكون ؟؟
أخذوه قبل أن اكمل حديثي معه دمعاتي تسبق نظراتي
أمان الله عليك والسلام لقلبك إلى يوم يبعثون
صرخاتي العاليه يحتويها الألم ويسكنها الحزن عندما أخرجوه وأغلق الباب
صدى الصرخه يعود لاجواب له
أنتهى مراسيم الدفن وبدا العزاء ليستمر معي طيله حياتي
انقضت أيام العزاء واصبح المنزل يسكنه الهدوء والخوف
أمشى بخطواتي الهادئه إلى غرفته
أجد كل شيى على مايرام ماعدا ذاك الفقيد
عكازته التي تسانده لذهابه إلى المسجد
نظارته ، سبحته،مصحفه
ساعته ،عطره ، شماغه
الحقيبه التي جهزها للسفر مرميه على الأرض
أحتضنتها بكيت بحرقه
سقطت باكيه واضرب بيداي على الأرض واناديه بصوت خافت
ألملم أشتاتي وأمشي بخطوات
بفكرً شارد
واتمم بحديث مع نفسي
كيف يرحل ويترك قلب أبنته للحياه ؟
كيف يرحل وهو من بدا مشوار حلمي ؟
أين عهوده التي عاهدني بها ؟
أين حلمنا الذي صنعناه سوياً ؟
لازال حكم قبرك ولازال قبرك يحرم علي زيارته
ولكن ساقف من بعيد وأتامل المقبره
فتحت لي بوابه المقبره ونظرت للقبور من بعيد خطوت بأول خطوه
ولازال حارس المقبره يذكرني بالحكم وكلما أقترب خطوه يذكرني إنني اعود للخلف
المكان يعمه الهدووء والخوف
القبور متشابهه بل متساويه ولم اعرف قبره
نظرت إلى قبر أنه جديد وعندما رايته مبلل بالماء شعرت بإن النائم بحضنه والدي
وقفت قليلا اتأمله
ثم سقطت باكيه على الارض
أريد أحتضن قبرك أريد احتضنه واقبل حبات الثرى
ولكن مازلت اتذكر حكم المقابر
المطر ينزل بغزاره ذهبت بخطوات منكسره ولازلت اتذكر كلامه كان يحب المطر والليل والقمر والنجوم المبعثره
شعرت بالتعب وانا على أرصفه الطريق نظرت إلى يداي الذابله وقدماي المتمزقه وشحوب وجههي واصفرار عيناي
لازلت اسير تحت المطر بتلك الخطوات المتعبه العمر يمضي وتلك الاحلام تتلاشى
أسير بين محطات الحياه ولاأعلم
ماهو أخر المشوار
أيحق لي البكاء عندما تركتني بمنتصف الطريق وجعلت أحلامي تنطوي من بعدك ورحلت ؟؟
يحق لي أبكي عندما أرى أنثى تسير خلف والدها وارها تنادي بإسمه او تضحك معه ؟؟
يحق لي أن ابكي عندما أشتاق عندما احتااااج عندما أتذكر ضحكتك ،صوتك، سواليفك
أسالوني عن مدينه الخميس في مساء الخميس
سأحكي لكم قصة رحيله بذاكرتي وعن شوارع الخالديه التي ُخلدت بقلبي حزن رحيله
وسأخبرهم عن طفلته المدلله لم تبكي إلى بعد رحيله
واخبروا ذاك الفقيد مافعلت الحياه بقلب أبنته وماذا صنعت لي الحياه ،البشر ،والظروف
وأخبروا ايضاً إنني أشتقت فبكيت ..حنيت فتمزق قلبي آلماً
لكل شخص مر من هنا أذكروا والــدي بدعوه لعلكم أقــرب مني منزلــه عند اللــه
اللهم أرحمه وأغفر له واجعل قبـره روضه من رياض الجنه
وجمـيع موتــــى المسلمين
بقلم: بــدور العـــلي