اسمي محمد، وأفضل مناداتي ب(العمري)، فأنا أشعر بالفخر فور سماعي له لأني فخر لقبيلتي، ابي(علي) ورثت الكثير من صفاته واطباعه، أما أمي فهي جنتي وأحَب العالمين لقلبي وعلاوةً على ذلك أنا ابنها المفضل، فلا يمُر يوم دون أن اكلمها أو أن اقبِّل رأسها،احبها جداً واحب دعواتها لي، افضّل حياتي بين والداي واخوتي فهي رضا، كما أحب الدراسة أيضاً، فأنا أثق بأن ثمارها ستتعالا وستهطل كما المطر لتنعم عليّ حياتي، وها أنا في آخر سنة بالجامعة، دائما مايكون فيها الجهد والطموح مضاعفاً،وتخيُلي لمستقبل اصبح أشبه مايكون بشروق شمس من خلف غيوم سيشرق مستقبلي وبقوة انا واثق! ، سأكون دائماً "عظيم" لأن هذا أكثر ما يردده من هم حولي "انت عظيم" "انت مختلف" "انت شخصية نادرة" ولهذا أنا أيضاً "طَمُوح"ومتوكل دائماً على ربي، ولكن في لحظة أشبه ماتكون بزجاج يُكسر أو تذوّق دواء مُر،كالمرارة في الحلق، هل جربتموه؟؟ إنه شعور "الخيبة" كان هذا بسبب استاذ تجادلت معه ومستقبلي هو من دفع الثمن، لقد انهرت عندما رأيت درجاتي، ذابت أحلامي، واشتاح الحزن قلبي وحياتي حتى مجاديف امالي تكسرت، انعزلت عن العالم، توقفت عن التحدث مع أي أحد غير نفسي،لأني دائما ماانظر للمرآة لألوم وأوبخ نفسي على ماحدث، أصبحت كما الميت دون حُلم أو شغف، إلى أن جمع الله شتاتي في يوم ما، وقذف في قلبي أن "ماحدث خيرة وانه دائماً مايكون هناك فرح مختبئ في طيات الألم، وأنه يجب أن أترك أثراً فهذا مايرجوه من هم حولي"، نهضت كما الجبل راسخاً عظيماً كما كُنت، فرح أهلي لتجاوزي الأمر وبالأخص أُمي، ووفقني الله بقبولي في العسكرية كما أقراني، فتفانيت واخلصت في عملي فهو مرتبط بحبيّ لوطني،تحسنت حياتي، أصبحت دائماً ما أحب البهجة التي تُرسم على أبناء اخوتي عند رؤيتي، وعند شرائي لهم من أغلى الحلويات لأُفاجئهم، وافخم الملابس لوالداي.. هذا من فضل ربيّ.
قررت الزواج فكم اتمنى ان أُرزق بفتاة لأن الفتيات بطبعهن يحببن آبائهم جداً، ولتحمل اسمي ولتفخر هي الأخرى بي ، بدأت بناء منزل أحلامي، كان أشبه بلوحة يرسمها فنان ومن حوله متشوقون لرؤيتها بل ولنقدها، وبعد اربع إلى ثلاث سنوات اتممت اللوحة، واصبح منزلي حديث الناس والكل يريد رؤيته، لم يستطع أحد مجاراة لوحتي الخلابة، وفي تاريخ ١٠/١٥ أخيراً تزوجت واستقريت أصبحت حياتي أشبه ماتكون بالنعيم، مع ضحكات أسرتي ونصحهم لي بعدم الاستعجال بدأت بشراء العاب وملابس لطفلتي القادمة"دارين" بكل حماس وترقب، لكن شاء الله أن أُرزق بشبلٍ أسميته على والدي"علي"، جمعت ماشريته في السابق واعطيته لإبنة أخي، ومع حياتي الجديدة وفرحتي اني اصبحت أباً صحيح اني كنت اتعب في العمل لكن عودتي للمنزل ورؤية زوجتي وابني"علي" كانت تنسيني كل عناءٍ وتعب، ولا أنسى خسارتي الفادحة عند سقوط مقذوف على سيارتنا انا وزملائي في المواقف، لقد كلفني الكثير لكن اهلي كانوا سنداً لي وتجاوزت الأمر بأسرع مايكون، وبعد مرور أقل من عام لاأنسى تلك اللحظة كنت اتواصل مع زوجتي وانا في العمل وسألتها هل اتصلت بأمي فأجابت بالنفي، ارسلت لها رصيداً لتتصل واوصيتها بذلك، لأنه لايجب أن يمر يوم دون أن أكلمها انا وزوجتي، وفجأة أرى زميلي ممدداً أمامي رميت الهاتف وجريت انا وزميلي نحوه، كان ذلك قناص، بدأنا بحمله والجريان به إلى مكان آمن ومناداة زملائنا الباقين ليقوموا بالدفاع وعند جرياننا حدث مالم يكن بالحسبان!
كنت انظر لزميلي المُصوب في رأسه واردد له:تشهد! تشهد!، ومع الأدرينالين الذي اجتاح كل شبر من جسدي ومع أصوات زملائي السبعة القادمين نحونا والتي لم أكُن اعيها حتى.. فجأة! شعرت بطيراني ومع طيراني افلت زميلاي ،كان ذلك مقذوف سقط من خلفنا،، وارداني أنا وزميلاي جميعاً،أما زملائي السبعة فقد أُصيبوا.
أحسست بأحدهم يقلبني على ظهري أصبحت لا أرى غير السماء والناس الذين ينظرون لي، وأعيّ أصواتهم جيداً كنت اكلمهم عن زميلي المُصاب وأسألهم ماالذي جرى؟ لكن مامن مجيب، إلى أن سمعت أحدهم يقول:استشهد العمري.. وأرى الكثير يضموني ويقبلون رأسي،
فرحت جداً! .. وحمدت الله كثيراً.. احسست بالرضا!! (أنا الآن حقاً عظيم.. أنا شهيد!).
تذكرت هاتفي ففيه كتبت خاطرة أودّع فيها زملائي وأوصيت في نهايتها أن يبلغوا سلامي لكل من يسألهم عني،كأن الله ألهمني أني سأغادرهم؛الفرح المختلط بالفخر قد اجتاحني أنا ثاني شهيد من حلي في أقل من شهر، وخامس شهيد من محافظة القنفذة، جداً فخور بفدائي بروحي لأجل وطني، لكن راودني في ذهني أبني علي ذو ال(٣أشهر)؟ وأمي الحبيبة؟وأبي؟ وأهلي؟ وماذا سيجري من بعدي؟..
أمي حبيبتي.. أعتقد من النادر أن أجد أُماً صبورةً محتسبة للأجر مثلها، إنها نادرة جداً، وأعلم إنيّ مازلت ابنها المفضل، احبها.. فذهابها المتكرر لمنزلي للصلاة فيه ودعواتها لي بفضل الله دائماً ماتصلني،اتمنى من الله ان يكتب أجرها ويثبتها دائماً.
أما أبي الغالي.. فالمكالمة التي وردته لتخبره بخبر استشهادي وردت فعله كفيلة بأن أفخر مرتين، ليتني أعود لأضمه واقبل رأسه على كل كلمة قالها وزادتني فخراً.
اخوتي.. لايخفى عليّ حزنهم ولاعيونهم التي تتلألأ عند ذكراي لكن كل ماأرجوه منهم هو صبرهم إلى جانب والدينّا.
شبلي"علي" سيكبر حبيب والده وسيدرك معنى أن يُقال له(والدك شهيد) وسيفخر بي كما أنا فخور به.
موقن بأن الله سيرعاه وسيرعاهم، أنا العمري وهذه قصتي، وأرجوا أن لا تنسوني من دعائكم.
- 2024/11/23 بدء دراسة مساعدي مفوضي تنمية المراحل الكشفية في عنيزة
- 2024/11/23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024/11/23 بلال صبري يعلن موعد عرض “أوراق التاروت” في يناير المقبل
- 2024/11/23 قصي الزهراني دفعته مشاعر الحنين للعودة لمدرسته بمحايل بعد فقدان أسرته في السيول
- 2024/11/22 تكرَّيم “حُباشة” لدورها الإعلامي في تغطيّة برامج وأنشطة جمعيّة خيركم بمنطقة مكة المكرمة
- 2024/11/22 أفراح آل حرب وآل الغامدي في عسفان
- 2024/11/14 في يوم “داء الحلو” .. شاولي : الجلد يتأثر بمرض السكري وهذه أبرز النصائح للجميع
- 2024/11/14 تًُوقيعَّ اتفاقيّة لدعم وتمكين مستفيدي فرع وزارة الموارد البشريّة بمنطقة مكة
- 2024/11/13 جامعة الأعمال تحتفل باليوم الرياضي للأتحاد السعودي للرياضة الجامعيّة
- 2024/11/13 كفى توعّي 600 زائر بمدينة الملك عبدالعزيز الطبيّة
أنا عظيم!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://hobasha.com/articles/147655/
التعليقات 2
2 pings
ياسمين ١
2019/01/15 في 11:31 م[3] رابط التعليق
يالروعة هذة الرواية
شكراً شكراً على القلم المبدع
والعقل المنير .. بارك الله فيك
ورحم الله محمد واسكنه فسيح جناته
(0)
(0)
ياسمين ٣٣١
2019/01/15 في 11:32 م[3] رابط التعليق
يالروعة هذة الرواية
شكراً شكراً على القلم المبدع
والعقل المنير .. بارك الله فيك
ورحم الله محمد واسكنه فسيح جناته
(0)
(0)