العُمُر مجموعة اعوام، والعام عدة شهور والشهور عدة ايام، فكل مامر عام نقص من العمر عام، واقترب الاجل وانصرمت الايام.
عام فات بمافيه من أفراح وأتراح، وما حمله لنا من آمال وما فجعنا به من آلام عام مضى بما عمله العبد من حسنات وبما ارتكبه من سيئات وبما وقع فيه من اخطاءٍ وهفوات، عام انصرم ومن العمر انخرم، عام ٌ مر لامفر فاللبيب من حاسب نفسه قبل الرحيل، هل هو الى الخير يسير أم إلى الشر يصير، فإن كان محسناً طلب من الله العون والإزدياد، وإن كان مسيئاً دعا الله أن يوفقه الى الترك والابتعاد فالايمان يزيد بالحسنات وينقص بالسيئات.
فالعام الآت فرصة للثبات على الطاعات ومراجعة النفس فيما ارتكبت من سيئات وتدارك ماوقع فيه العبد من زلات وتصحيح ماصدر منه من هفوات والنظر إلى من كانوا معنا من الاصدقاء والاهل والأقرباء، تركوا الدنيا والاصحاب والاحباب كانوا فوق الارض وصاروا تحت الارض فلنحاسب انفسنا مادمنا في زمن الفسحة ووقت المهلة فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولاعمل، ولنعلم أن هادم اللذات قادم وأن الفراق والخروج من الدنيا أمر لازم فالسعيد (نسأل الله ان نكون منهم) من عاش يومه في طاعة وعبادة وقُرب من الله واستكانة يخاف من عقابه ويرجو ثوابه، يحافظ على دينه ويجاهد على ثباته، يكثر من الاستغفار من ذنوبه ومعاصيه يجعل لسانه رطباً بذكر مولاه اواب الى خالقه وذلك بأن لا يفقده ربه حيث امره.
والشقي (والعياذ بالله) من قضى يومه في معصية الله يستسلم لنفسه الامارة بالسوء، وذلك بأن يجده ربه حيث نهاه، ويجعل من بوابة التسويف متكئاً ومن جناح الرجاء مسلكاً ومن باب الشباب عذراً ومن ساعة المهلة طوقاً.
جعلنا الله ممن عاش يومه في طاعة ربه وقضى وقته في القرب من مولاه والهمه الله التوبة وكثرة الاستغفار ورزقه لساناً ذاكراً وقلباً خاشعاً ويقيناً صادقاً وعملاً متقبلاً .