إن الباحث في اللهجات واللغة في جنوبي البلاد السعودية ومحافظة العُرْضِيّات بشكل خاص يجدهم لا يزالون متأثّرين باللغة العربية الأم لاسيما أنهم يقرؤون القرآن الكريم ولا يزال بين ظهرانيهم، وتلك اللهجات والمفردات في أصلها لغة فصيحة معنىً ومضموناً، وقد ورد في كتاب لسان العرب إجابة عن كلمة تعاشيب الواردة في عنوان المقال (يقال أرض فيها تعاشيب إذا كان فيها ألوان العشب، والتَّعَاشيب الضروب من النَّبْت) ومن خلال حياتي في تهامة العُرْضِيّات ومخالطة ومعاشرة الناس واجتماعي ببعض أهلها والمقيمين منهم في مدينة الرياض، رصدت بعضها ولاحظت أن تلك الكلمات والألفاظ تختلف طريقة نطقها من ناحية إلى أخرى من تلك البلاد، فتكونت لدي معرفة بالكثير منها وتلك المفردات مشتقة من الفصحى والبعض جرى عليها النحت والحذف وذلك مما ألفته اللغة العربية وقد اطلعت على دراسة لغوية للأستاذ الأديب محمد بن أحمد بن معبِّر بعنوان تعاشيب اللغة فاقتبست عنوان مقالي منها وهي بحث جميل ألقى الضوء على اللهجات العامية في منطقة عسير بشكل عام والعُرْضِيّات جزء من تلك البلاد يقول هنا ما نصه (أدركت أن وصم كلام الناس في عسير بالعاميّة على الإطلاق لا يتوافق مع الواقع، ولا يعني ذلك خُلُوّ بعض المفردات من التحريف وعدم الإعراب، فهذا لا يمكن نفيه، وإنما أقصد بذلك الكثرة الغالبة من المفردات التي تطابق ما جاء في المعاجم لفظاً ومعنىً)، وتلك الأطروحة هي جزء من بحث علمي أُنجز من سلسلة الأعمال اللغوية التي أنجزها، وعسير بشكل شامل بلاد مترامية الأطراف تحوي قبائل شتى لها لهجات ولغات قد تختلف قليلاً عن بعضها، لكن ما نحن بصدده هنا اللهجات في العُرْضِيّات وسنأتي على بعض من كل، مما ورد من آلاف الكلمات التي دوّنها الأستاذ ابن معبِّر وغيره وسنستند على لسان العرب ومعجم الأغلاط اللغوية المعاصرة لمحمد العدناني، وشمس العلوم لنشوان الحميري، والمنجد، ومعجم مقاييس اللغة، والمعجم الوافي في النحو العربي لعلي الحمد، ومن غريب الألفاظ للدكتور عبدالعزيز الفيصل، ومعجم النحو لعبدالغني الدقر، وشفاء الغليل فيما في كلام العرب لشهاب الدين الخفاجي، كمراجع وأصل لتلك اللغات واللهجات وقد أحسن الأستاذ محمد مُعَبِّر لإثرائنا بتلك الكلمات حين قام بدراستها وإعادتها لأصلها وإنني من هذا المنبر لأقدّم له خالص الامتنان على ذلك العلم الذي نبغ فيه وتخصص، وأخرجه إلينا إما في مؤلفاتهأو دراساته المتفرقة التي تصدر كل عام وينشر بعض منها عبر موسوعة القول المكتوب في تاريخ الجنوب، وإني أوردها هنا كما جاءت في بعض المصادر التي ذكرتها وفي لسان العرب لشهرته ولدى ابن معبِّر من خلال مؤلفاته وذلك على النحو التالي:
1- الأب آبه: يقول أهل العُرْضِيّات أبَه، بالهاء، و(يَابَه) و(وَابَهْ) و(بُويه)، قال ابن منظور: يُقال يا أبةَ ويا أبَةِ. وتقول في الوقف يا أبَهْ.
2- أتْلاَ: أتْلاَ شيء: آخر شيء وهي البقية منه وجاء فلان أتلا القوم، أي آخرهم، وتليت فلان، أي تَبِعْتُه، (التُّلاَوة: بقيّة الحاجة، يُقال: بقيت حاجة فأنا أتَتَلاّها، أي أتَتَبَّعُها) (تلا: تِلْو الشيء الذي يتلوه وتلو الناقة ولدها الذي يتلوها، وتلوت الرجل أي تبعته).
3- أذيّة أذاة: يُقال هذا الطفل أذيّة، أي يؤذي الناس بتصرفاته، ويقولون موذي بإسقاط الهمز.
4- إزّم: بمعنى أمْسِك أو الزم، يُقال إزّم هذا الشيء أو الإنسان، أي أمْسِك به، ويُقال إزّم بيتك، أي الزمه ولا تخرج منه.
5- أُمَّه أو إِمّه أو وِمَّهْ: أمُّي أو يا أُمّي، من الأُمّ، قال ابن منظور: (يُقال في الأمِّ يا أُمَّةِ، وتقف عليها بالهاء).
6- أَيَّات: للاستفهام في الجمع، وللمفرد أيَّة، وأيَّه، وربما قالوا (أيَّات) وهم يعنون المفرد، يُقال: أيَّات سيّارة، أي: أيّة سيارة.
7- إيه، إيوا، إيوه، إيواه: تُقال في العُرْضِيّات وبقية نواحي عسير بمعنى نعم، وتكون للموافقة على كلام المتحدث.
8- بَاح: تستعمل بمعنى نفد الشيء.
9- بَتَك: تستعمل بمعنى قطع، يُقال بتك الحبل أي قطعه.
10- بْثَارِي أو بِثْرِي: نحتت بثري وبِثْرَهْ وأصبحت تستعمل لدى أهل العُرْضِيّات بثاري، وبثاره، وبثره: خلفه أو أتبعه على أثره، خرج في إثْره بكسر الهمزة أي في أثره، (يقول مزهر الثرباني: لا مشينا بثار العسبلي ما تعدينا المخاطي). أي خلفه وعلى أثره، وهو شيخهم.
11- بَدَا: بفتح الباء وفتح الدال، بمعنى كلاّ.
12- بَدّر: يُقال: بدَّر فلان، أي جاء في أول الوقت، أو فعل الشيء في أول الوقت، بَدِّر: تعال أو اذهب في أول الوقت، بدري: لا يزال الوقت مبكراً، يبدر: يأتي ويذهب مبكراً.
13- بُصْرُك: من البصيرة، تستعمل بمعنى افعل أو قل كما ترى، وهي للتفويض المطلق.
14- بَلْوى: يقولون: بلوى وبَلِيّة وبلاء وبلوة، وكلها بمعنى واحد، وجمعها بلايا وبلاوي، يُقال: فلان بلوى إذا كان سبباً في عرقلة بعض الأمور.
15- بَيْنّا: أي: بَيْنَنا. من بين: ظرف بمعنى وسط، ونا: ضمير مُتّصل.
16- تِرَّ: تُقال لزجر الكلب، ومثلها كِرّ.
17- تَرّ: يقال تَرَّ فلان ورجع، أي بمعنى، ذهب لقضاء عمل ورجع بسرعة.
18- تعَذَّر: يُقال تعذّر فلان فلاناً، أي دعاه لدخول منزله لشراب أو طعام،
وتأتي لدى أهل العُرْضِيّات للذهاب للتعزية في فقد ميّت.
19- تُكْلَة: يُقال فلان تكلة أي ثقة يعتمد عليه، (رجل تُكْلَة يَتّكِل على كل أحد والتاء مبدلة من الواو).
20- تَلّ: يُقال: تَلّ فلان فلاناً، أي جذبه بجفاء أو ألقاه أرضاً. التّلُّ: مصدر تَلَلْتُه: إذا ألقيته لخده وجبينه. وتأتي لدى أهل العُرْضِيّات أحياناً إما دفعه من مكان مرتفع أو تأتي للقيام بشكوى ضده دون أن يعلم من هو خصمه.
21- تَوَطّيته: وتستعمل بمعنى داسه برجله، قال في اللسان: (وقد توطّأتُه برجلي، ولا تقل تَوَطّيْتُه).
22- تَيَّه أو تِيْه: يُقال من هي تيه؟ أي من هي هذه؟ ويقولون من هي ته؟ من أسماء الإشارة.
23- ثَمَّه: تستعمل كإشارة للمكان البعيد، وهي فصيحة (ثَمّ: اسم إشارة بمعنى هناك للمكان البعيد، وقد تلحقه التاء المربوطة فيقال: ثَمَّة).
24- جَابْ: جاء بكذا. يجيب: يجيء بكذا، ومن عباراتهم أجيب خبره، أي أجيء بخبره، وتستعمل أحياناً لدى أهل العُرْضِيّات بمعنى ناداه من مكان بعيد.
25- جاه: أي جاء إليه، جاك: جاء إليك أو جاءك، يُقال جاك كذا: جاء إليك وأصبح لك مثل جاك ولد، أي ولد لك مولوداً صبيّاً، جانا: جاء إلينا أو جاءنا، وتأتي هذه الكلمة أحياناً بمعنى آخر وهو الوجاهة والجاه، ومنها قولهم في العُرْضِيّات كلمة جاهنا وجاه الله.
26- جَتْ: جاءت، أو حصل، يقال: جَتْ سَلِيْمه، أو جت سلامات، أي حصلت السلامة من المكروه، وتُقال بمعنى الحضور، جت فلانة: أي جاءت.
27- الجِلْبَة: حديدة أو جلدة تحيط بالمكيال الخشبي المعروف بـ المِدّ أو السَادِيَهْ، من أعلاه لتحفظه من التشقق، ومن الكنايات قولهم: من فوق الجِلبة ويريدون بذلك الكذب.
28- حَرَىْ: يُقال أنا في حرا فلان، أي في انتظاره، ومنها قالوا: يحتري، أي ينتظر، ونَحْتَرِي: أي ننتظر، (حرى: كلمة وضعت للدلالة على رجاء الخبر). ويأتي المضارع منها يحر يرجع ولدى أهل العُرْضِيّات يحير أي بمعنى يرجع، وفي الأدب الأندلسي قول ابن عبدون:
وأهلكت أبرويزاً بابنه ورمت
يزَدجردَ إلى مَروٍ فلم يُحِر.
29- الحزة: الوقت، يُقال: في أي حَزَّه: فيرد عليه بعد الظهر، ويقول بن خضران: حَزّةٍ ما تناسبنا ولكن حكم الله غلب، ويقولون حَزّة العون: أي هذا هو الوقت المناسب.
30- حوش أو حاش الماشية بمعنى ساقها أمامه، ومن قولهم حوشة صامطة أي جمع الناس في حرب اليمن، والحوش الجمع.
31- خَبَنْ أو خَبْنْ: خَبَن الثوب: قَصّرَه وخاط عليه، والخبنة ثنية الثوب، في أسفله أو ما يلي اليد.
32- خُرْص: هو القرط الذي تعلقه النساء في الأذن، والجمع خُرْصَان، ويُقال ما في أُذُنِها خُرْصٌ.
33- خَمْد أو خِمِدْ بمعنى نضج.
34- زَحْن: وتأتي بمعنى شدة الحر لدى أهل العُرْضِيّات.
35- سِمْنَان: جمع سمن.
36- سَهْوَه: عريش يبنى على أطراف البلاد والمزارع.
37- فَرَّقْنَا: ظهر في منطقة عسير وفي العُرْضِيّات في عام 1394هـ وما بعدها الباعة الذين يتجولون في الشوارع لبيع الأقمشة وبعض الحُلي وكانوا ينادون بأصوات مرتفعة (فَرَّقْنَا) فترسل إحدى النساء ولدها الذي ينادي البائع بنفس الكلمة (فَرَّقْنَا) فيحضر لباب المنزل ليعرض بضاعته، وأصبح الواحد من هؤلاء الباعة لا يُعرف إلا باسم (فَرَّقْنَا).
38- قُوزْ: مرتفع صغير من الرمال والحجارة، أو أي شيء يجمع مع بعضه البعض، على شكل هرمي، وقَوَّز: جمّع الأشياء، وفلان يقوّز: يكذب، والقوز اسم موضع جنوب محافظة القنفذة، والقوز من الرمل: صغير مستدير، والقوز: الكثيب المِشرف، وفي الحديث محمد في الدّهم بهذا القَوْز: يقول ذو الرمة:
إلى ظُعن يقرضن أقواز مشرف
شِمالا، وعن أيمانهن الفوارس.
39- لَكّب: يُقال لكب الباب أي قفله بإحكام، وباب ملكب: مغلق.
40- مِسْفَعْ: لباس للرأس عند النساء يكون مصبوغاً باللون الأصفر، وربما قيل لغطاء الوجه ذي اللون الأسود.
41- معْص: التواء مفصل الرجل، يُقال مَعِصت رجلُه.
42- مِاَدَمِي أو مُوْدَمِي: أي نسبة إلى آدم عليه السلام.
43- مِيفَا: التنور الذي يخبز فيه.
44- نومان: تُقال لكثير النوم ولم تستعمل إلا في النداء، كقولهم يا نومان.
45- هَلِم: تستعمل بمعنى تعال، أو بمعنى قبل أو دون.
46- وتح: يُقال فلان وتح أي قذر في أخلاقه.
هذا ما تيسَّر لنا إيراده من مفردات وألفاظ ومعان وتهيأ لنا إعداده وأعاننا الله على كتابته والحمد لله رب العالمين.