القُلِّيص أو (القُلِّيس) اسمٌ للكعبة أو (المعبد-الصنم) الذي بناه مَلِكُ اليمنِ الحبشيُّ المسيحيُّ (أبرهةُ الأشرمُ) قبل البعثة النبوية؛ ليكون قبلة للعرب، يحجّون إليه بدلاً من بيت الله الحرام (الكعبة المشرفة) في مكة المكرمة، الذي رفع قواعدَه سيدُنا إبراهيمُ وابنه إسماعيل عليهما السلام. ومعلوم أنَّ العرب قبل البعثة النبوية كانوا بين حنفاء ووثنيين...إلخ، ومن يحج منهم فهو يحج إلى الكعبة المشرفة بوصفها الرمز الخالد المُقدَّس الذي أوجب الله تعظيمه وأحلَّ الطواف به. ولأن وجود الكعبة المشرفة يستدعي انصراف العرب إليها وبالتالي جعل السيادة والريادة للقائمين عليها، فقد ساء ذلك أبرهة، فأمر ببناء صرح عظيم ثم زيَّنه وزخرفه وسمَّاه (القُلِّيص)، وأمر العربَ أن يحجّوا إليه بدلاً من الكعبة المشرفة. ولأن العرب ذوو أنفة وفطنة لم ينصاعوا لأمره، وهو ما جعل أحدهم يتسلل إلى القليص ويلطِّخه بالقاذورات، وهو ما أغضب أبرهة، فعزم على الانتقام من العرب بهدم كعبتهم وإنهاء سيادتهم، فجهّز جيشًا جرَّارًا يتقدمه الفِيل العملاق، واتجه به صوبَ مكة عاقدًا العزم على هدم الكعبة وإذلال العرب، غير أن الله أبى إلا أن يحمي بيته ويخزي أبرهة ويهلك جنده مُخلِّدًا قصة هلاكه في سورة (الفيل). واليوم وبعد ما يزيد على (١٤) قرنًا تعود حكاية القليص إلى الواجهة؛ فنرى الناس يبحثون ويستقصون عبر الأوعية المعلوماتية لمعرفة المزيد عن القليص وحيثيات بنائه وتخريبه وإهلاك الله لأبرهة وجنده. هذا البحث والاستقصاء لم يأتِ من فراغ وإنما أتى على خلفية تجسيم الحوثيين كعبةً (قُلِّيصًا) لهم في صنعاء لتكون بديلة عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة تحت حجةٍ بليدة هي أن المملكة منعت الحجاج اليمنيين من أداء فريضة الحج. وللحجة ذاتها قام ملالي إيران بحرمان حجّاجهم من أداء مناسكهم في المشاعر المقدسة بمكة المكرمة ووجَّهُوهم -بناء على فتاوى خامنئي- للحج إلى كربلاء والطواف بكعبتها (قُلِّيصها). وليس ببعيد عن الملالي أن يقوموا ببناء كعبات أخرى داخل إيران بقُم وخارجها، ببيروت وغيرها من البلدان العربية والإسلامية التي بسطوا عليها عباءاتهم، مُعيْدين بذلك عهد ما قبل البعثة النبوية حينما كان للعرب أكثر من كعبة (صنم) كذي الخَلَصة واللات وغيرهما من الأصنام التي كانوا يطَّوَّفون بها.
ملالي إيران يبذلون اليوم جهدهم لشق الصف الإسلامي بابتداعهم دِينًا كهنوتيًّا لا يمتُّ بصلة للتشيُّع الحقيقي، ويختلف (كليًّا) عن الدين الذي تواطأ عليه المسلمون، وهذا ما صرّح به وزير خارجيتهم (محمد ظريف) بقوله: «إن دِين الإيرانيين مختلف بالفعل عن معتقدات المسؤولين الدينيين بالمملكة»، ويأبى الله إلا أن يُظهر الحق (المسكوت عنه) على لسانه. وبالمجمل فشهوة السيادة والزعامة للعالم الإسلامي أفقدت ملالي إيران صوابهم، ولذا نراهم يرمون شظايا حقدهم في كل اتجاه مؤمِّلِين أن يكون لهم (الصَّدْر) ولو على حساب الحج والمقدسات الإسلامية.. وكل حج (ناجح) ووطننا بأمن ورخاء.