على غير العادة ولد بدر شهر جمادي الاخر في اليوم الرابع، وأشرقت الدواوين، واحتفل الشعر بقدوم المجدد.
ولد البدر لأمٍ عظيمة وأبٍ أديب؛ فكان خير ابن لخير أب وأم، ترعرع رحمه الله في بيت علم وأدب كان يكتض مجلسُ والده بالشعراء والعلماء فمنهم ومنها بدأ بإحساسه المرهف:
،،
انا احبك مابها زيف وخداع
رغم الذي نخفيه .. واللي نخافه
أودعك .. ليت الألم لحظة اوداع
إلى مضت .. ننسى الألم والحسافه
وأفارقك.. لوالسفر .. يم وشراع
وبعد الفراق .. اللي نوده نعافه
لا صار مافي البعد راحه لملتاع
بالله وش نفع التعب والكلافه
من الجفا والصد .. يكفيني اذراع
لا جف نهر الحب ماتت اضفافه
املي يدك رمل وترى هذي القاع
ومدي النظر .. تدرين وش هي المسافه
،،
وحبه لوطنه:
صحت نجد على صوت النباح ولجة الغربان
عوافي..قربي منك الوساده وادخلي لحافك
كانك ما تعودتي على التجريح والنكران
من اللي زادهم في ما مضى من لحم أكتافك
تغطي..ما عليك الا الرضا ورعاية الرحمن
صاح ما يساوي طلتك من راس مشرافك
تبي سلمان؟ ناظر في السماء كانك تبي سلمان
تخيب يديك ما طلته ولا طالوه أسلافك
صحت نجد على صوت العويل ولجة الغربان
عوافي.. قربي منك الوسادة وادخلي لحافك.
،،
به امتلأت الساحة الشعرية السعودية والعربية بشعر جدد الحياة وأعاد إليها الأنفاس، فكان مهندس الكلمة ولسان الوطن ووزارة رد بمفرده. شاركنا أبياته في أفراحنا وأتراحنا، ونظم دُرراً بصوت الأرض وفنان العرب، خمسة وسبعون عام استغنينا فيها ببدر الأرض عن بدر السماء، خمسة وسبعون عام وبدر الأرض لا يعرف طوراً غير البدر.
وفي صباح الخامس والعشرون من شهر شوال رزء الوطن برحيل الأمير الشاعر، ورثيناه بما رثى به من قبله ووجدنا في شعره تعزية لنا.
ليته لا رحل مثلك حفرنا في السحاب قبور
وعشنا في رجا وسمٍ نشوفك في مخاييله
،،
وفي أزمته الصحية قال مخاطبا أخيه سعود:
ولا بدها يا سعود بتغيب شمسي
ذي سنة رب الخلايق فرضها
ولاعلها حريتي بعد حبسي
ولا علي ألقى عند ربي عوضها
،،
وهي كما قال عبدالله ثابت: إذا مات شاعر في مكان ما من هذا الوجود ماتت في مكان اخر شجرة، وتساقطت أوراقها قبل الفجر، إذا مات شاعر انطفأت نجمة، وضاع خاتم، وأصبحت الدنيا أقل..
،،
اليوم رحلت يا بدر التمام
وقد علمتنا الشمس كيف نرضى بالرحيل