خلال مُشاركتي ضمن وفد جمعية الكشافة العربية السعودية المُشارك في المخيم الكشفي العالمي الخامس والعشرون الذي عقد في شهر أغسطس الماضي في كوريا الجنوبية تأكد لي أهمية حُسن اختيار أفراد الفريق الواحد الذي يتسم أعضائه بالثقة والانسجام والالتزام وتحمل المسؤولية، وظهر لي ذلك جلياً حينما بدأنا في إخلاء المخيم بعد التحذيرات التي وصلت المنظمين من خبراء الأرصاد من توجه العاصفة الاستوائية "خانون" إلى شبه الجزيرة الكورية حيث يقام المخيم في بلدة بوان الجنوبية العربية؛ فخلال دقائق وبقرار تشاوري جماعي اتخذت القرارات وبدأ الجميع بروح الفريق الواحد في تقويض مخيم الوفد سواء في قرية التنمية أو في مخيمات الكشافة والفتيات، الذين تم ترحيلهم إلى مكان آمن أختاره المنظمون في العاصمة الكورية سيئول وسط متابعة من الجميع حتى وصولهم بحمد الله وسلامته؛ مستحضرين وهم يعملون قول المولى عز وجل :{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ..}، وقول رسول الله صل الله عليه وسلم : "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه".
أنني ومن خلال تلك الأسطر وأنا أُحيي جمعية الكشافة على تمكنها من تكوين ذاك الفريق الناجح وخلقها لبيئة العمل المتفاعلة المتعاونة المتحابة المترابطة لأدعوها للاستمرار في اختيار العناصر التي تلبي احتياجاتها وتحقق أهدافها بروح الفريق الواحد وصولاً للنجاح المنشود الذي لن يتأتى إلا بمثل ذلك الفريق الذي تحلى بالتفاني والانضباط والجد والإخلاص والحرص على العمل المتميز الراقي.
كما أنها فرصة للإشادة بالدور الذي قام به نائب رئيس الجمعية الدكتور عبدالله الفهد، وسمو رئيسة لجنة فتيات الكشافة الأميرة سما بنت فيصل الذين كانوا مُشعل يقتدى داخل المجموعة بتواجدهم المستمر مع الفريق ومع ممثلي الوطن يبثون الحب والتعاون والتكامل والتفاعل بين الجميع، ويعززون الإيجابيات، ويئدون السلبيات قبل ظهورها، ويزرعون روح المبادرة، ويستخلصون الأفكار الإبداعية التي كان لها الدور الأكبر في تحقيق الهدف من المشاركة بروح الفريق الواحد الذي اتسمت به المشاركة السعودية تلك.
لقد كانت تلك المشاركة فرصة لنا جميعاً نحن أعضاء الوفد من أن نتعلم أهمية العمل الجماعي والعمل بروح الفريق الواحد الذي كان أداة فعالة في خلق التواصل بين الجميع حيث لا رئيس ولا مرؤوس الكل يعمل وفق خطة واهداف واضحة بما يحقق الهدف من المشاركة في تلك المناسبة العالمية التي تروم جمعية الكشافة تحقيقها حيث صنعت فريق عمل سجل لها الإنجاز وجعل اسمها يتردد في كل ارجاء المخيم الذي أقيم على مساحة 8.84 كيلومترات مربعة لتبقى كما هي ذات سمعة عالمية وسجل ذهبي يشار اليه بالبنان في كل المحافل الكشفية.
نعم لقد كنا فريق عمل واحد متماسك؛ مُنحنا الثقة؛ شعرنا بالراحة النفسية؛ ليس من بيننا الأناني المحب للذات؛ وجدنا المسؤول الذي يُشعر كل شخص منا بأنه جزء من هذا الفريق وهذا الكيان، فكان أن تماسكنا وتضاعفت انتاجيتنا في جو من التنافس في الأفكار وفي العطاء والبذل حتى عدنا لوطننا بعد أن مثلناه خير تمثيل بفضل الله ثم حسن اختيار المسئولين لمن هو الأحق في تمثيل الوطن للظهور بالصورة المشرفة التي يستحقها.