بمناسبة منح «سيركو» مهمة تقديم خدمات النقل لشركة «البحر الأحمر الدولية» https://www.redseaglobal.com/en/home، قدمت كل من «سامانثا رولز»، مدير عمليات النقل، و«رينا بابا» مدير وكالة البحث والتصميم «إكسبيرينس لاب» لدى «سيركو» الشرق الأوسط شرحًا وافيًا لأبرز العوامل اللازمة لضمان نجاح العمليات وتقديم تجربة متميزة للعملاء امتثالًا بأعلى المعايير العالمية.
تُمثّل خدمات النقل عنصرًا شديد الأهمية ضمن البنية التحتية لأي اقتصاد؛ لذا تسعى المملكة لإنشاء نظام تنقل يتمتع بالكفاءة والموثوقية لدعم اقتصادها المتنامي، لا سيما أثناء مواصلة الدولة لعمليات التطوير والتحديث غير المسبوقة. سيلعب النقل دورًا هامًا عبر ركائز الثماني الاستراتيجية لرؤية السعودية 2030 بدءًا من التمكين الاجتماعي، وتحسين جودة حياة السكان اليومية، وحتى تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات اللوجستية لتوفير تجارب متميزة للزوار الوافدين، وغير ذلك الكثير.
على سبيل المثال، مشروع «البحر الأحمر» وهو وجهة محايدة للكربون تحتضن أكثر من 90 جزيرة، اختيرت منها 22 فقط ليتم تطويرها، ومن المقرر أن تعتمد المنتجعات هناك على مختلف وسائل النقل الأخضر المستدامة الصديقة للبيئة عبر البر، والبحر، والجو بدءًا من الطائرات المائية، والقوارب، وحتى العربات الصغيرة لينعم الزوار بتجربة سلسة تتميز بالفخامة منذ لحظة الوصول. ستتولى «سيركو» في هذا المشروع الضخم مسؤولية تقديم خدمات النقل بأعلى المعايير العالمية مع تحقيق صافي انبعاثات صفري بما في ذلك جميع عمليات التشغيل، والصيانة، والصحة والسلامة المهنية، وتجربة الزوار، مع مراعاة اختلاف الأولويات.
يأتي العميل على رأس قائمة الأولويات؛ إذ يجب أن يكون في صميم عمل أي خدمة نقل متميزة. إليكم 4 عوامل لا غنى عنها لتقديم أفضل تجربة ممكنة للعملاء:
الموظفون، وثقافة بيئة العمل التي تولي الأهمية لتجربة الركاب أولًا.
المنظومة – الإدارة الديناميكية للموارد البشرية.
البيانات وابتكار مؤشرات خاصة لقياس النجاح.
الحوكمة والعمل ضمن إطار لصنع القرار يتيح التطوير المستمر.
إن دمج العوامل الأربعة معًا يُشكّل أفضل نهج لضمان تقديم خدمات نقل متكاملة وأكثر كفاءة لتجربة رفيعة المستوى تنال استحسان العملاء، ما يؤدي إلى تكرار الزيارة واستقطاب المزيد من الركاب.
ونستعرض بشكل مفصل خلال السطور التالية آليات تنفيذ هذه العوامل من قِبل شركة «سيركو» لضمان نجاح نظام النقل داخل وجهة «البحر الأحمر» الفاخرة.
خلق ثقافة خدمية مواتية
يبدأ نظام النقل الناجح من تبني ثقافة خدمية تضع الركاب أولًا دائمًا؛ ما يعني غرس عقلية التميّز في تقديم الخدمات لدى موظفي الخطوط الأمامية. ولتحقيق تأثير ملموس، من الضروري تدريب وتمكين الموظفين للعمل على خدمة مصالح الركاب على الوجه الأمثل. ويمكن تحقيق ذلك عبر برامج تدريبية موجهة تُركز على تنمية مهارات خدمة العملاء، وحل المشكلات، واتخاذ القرار. يجب على المؤسسات الجديدة على وجه التحديد توفير دورات مصممة خصيصًا للموظفين لتدريبهم على كيفية التعامل بمهارة اتساقًا مع طموحات الشركة ورؤيتها الخاصة لخدمة العملاء. لا يقتصر التدريب على مشاركة القيم الأساسية للشركة ورؤيتها لخدمة العملاء فقط، وإنما يجب أن يمتد لما هو أعمق من ذلك عبر طرح أمثلة تتناول مختلف السيناريوهات المحتملة، فضلًا عن التكتيكات، وتزويدهم بالأدوات اللازمة.
ومن الضروري أيضًا خلق ثقافة عمل تتبنى التطوير المستمر بتمكين الموظفين من تقديم الآراء والاقتراحات حول كيفية تطوير تجربة الركاب، عبر خلق قناة تواصل مع موظفي الخطوط الأمامية لمشاركة آراء وتقييمات العملاء التي يُمكن جمعها على مدار ساعات العمل، ثم تُستخدم هذه الآراء في اتخاذ قرارات مثالية لتحسين الخدمات، وتخطيط الطرق، واستثمارات البنية التحتية. وعلى سبيل المثال، إذا أعرب الركاب عن استيائهم من أوقات الانتظار الطويلة في موقع معين، يمكن لمزودي خدمات النقل في هذه الحالة تعديل الجداول الزمنية والمسارات للارتقاء بمستوى الخدمة؛ إذ تُتيح ثقافة التطوير المستمر تطور خدمات النقل وتكيفها لتلبية مختلف احتياجات الركاب.
2- المنظومة – الإدارة الديناميكية للقوى العاملة
الإدارة الديناميكية للقوى العاملة هي طريقة مرنة لإدارة القوى العاملة وتطويرها حسب تغير احتياجات العمل وأولوياته عبر استخدام البيانات التي يتم جمعها لحظة بلحظة لاتخاذ قرارات بشأن مستويات التوظيف، وتخصيص الموارد، والمهارات المطلوبة. تُتيح الإدارة الديناميكية للقوى العاملة لمزودي خدمات النقل إمكانية إدارة الموظفين بشكل أفضل، ورفع كفاءة العمليات لتقديم تجربة ركاب أكثر سلاسة.
من الضروري مراقبة وتحليل البيانات المأخوذة من مصادر مختلفة في الوقت الفعلي مثل مؤشرات قياس قوة طلب العملاء وأداء الموظفين، وذلك للتأكد من مدى كفاءة النموذج المتبع. يجب تزويد الموظفين بالمعلومات والأدوات اللازمة ليضمن مزودي خدمات النقل حصول الركاب على خدمات رفيعة المستوى.
وعلى سبيل المثال، تعيين العدد المناسب من الموظفين في مختلف أماكن سير العمل في أوقات ومناطق محددة؛ حيث يجب تعيين عدد أكبر من الموظفين في أوقات الذروة، وفي المناطق شديدة الازدحام بما في ذلك أماكن حجز التذاكر ونقاط التفتيش الأمنية لتقليل أوقات الانتظار ورفع مستويات رضا العملاء.
توفر أنظمة الإدارة الديناميكية للقوى العاملة أيضًا التقييم اللحظي حول مدى كفاءة أداء الأجزاء المختلفة من العمليات، على سبيل المثال، إن مع أي تأخير ملحوظ عند أي نقطة تفتيش، يقوم النظام بإخطار الموظفين مع تقديم اقتراحات فعالة لتخفيف حدة التكدس.
مما لا شك فيه أن اتباع المؤسسات لنهج الإدارة الرشيقة سريعة الاستجابة مع الاستغلال الأمثل للموارد سيساهم بشكل ملحوظ في زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، وتحسين خدمة العملاء، فضلًا عن تمكين فرق العمل لتحقيق الأهداف العملية على نطاق أوسع.
3. لا يمكن إدارة ما لا يمكن قياسه – ابتكار مؤشر قياس لخدمات النقل
لقياس مدى نجاح نظام النقل، يجب ابتكار مؤشر خاص يأخذ في الاعتبار تجربة الركاب والأثر الأوسع نطاقًا على المؤسسة، الأمر الذي يتطلب طرقًا جديدة لقياس النجاح بشكل أعمق من مؤشرات القياس التقليدية، بما في ذلك مستوى الأداء في الأوقات المحددة أو معرفة أعداد الركاب. يصعب قياس طبيعة التجارب عبر جميع وسائل النقل، ففهم تجربة الركاب بجميع جوانبها مع حقيقة شعورهم تجاه الخدمة المقدمة يُعد أمرًا صعبًا، والأكثر صعوبة من ذلك هو ترجمة هذا الفهم إلى أرقام.
اعتمد الكثير من مزودي خدمات النقل على مدار السنين بشكل كبير على المؤشرات الرقمية القابلة للقياس بسهولة بما في ذلك صافي نقاط الترويج، ورضا العملاء باعتبارها المؤشرات الوحيدة لتجارب العملاء، على الرغم من أن هذه المؤشرات تعكس استنتاجات محدودة، فضلًا عن كونها مفرطة في التبسيط بما لا يتناسب مع تتبع التجربة الشاملة للركاب أثناء تفاعلهم مع خدمات النقل المعقدة، بالإضافة أيضًا إلى الإبلاغ عن هذه المؤشرات ذاتيًا وجمعها من خلال استطلاعات الرأي التي يمكن التلاعب بنتائجها بسهولة، إلى جانب أنها قد تكون غير مدعومة بالاستنتاجات الضرورية لنماذج إدارة القوى العاملة الديناميكية لكي تعمل الفرق التشغيلية بناء عليها لتحسين الخدمة.
تُعد إدارة رحلة العملاء والتحليلات إحدى طرق قياس النجاح الفعالة؛ فمن خلال تتبع رحلات الركاب من البداية للنهاية يمكن لمزودي خدمات النقل استخلاص استنتاجات حول تجربة الركاب وتحديد المواطن المُراد تطويرها. تتطلب مؤشرات قياس تجربة الركاب الجمع بين أنواع مختلفة من البيانات والمصادر لفهم تجارب الأفراد بكل تعقيداتها، فضلًا عن ضرورة مشاركة هذه النتائج وفهمها من قِبل جميع الأطراف المعنية داخل المؤسسة. وأخيرًا، يجب ربط مؤشرات قياس تجربة العملاء بتأثير الأعمال وأهدافها الرئيسية؛ إذ إن هذا الربط سيشجع فرق الإدارة على تطبيق الإجراءات الجديدة.
الإطار المرجعي للقياس لوكالة «إكسبيرينس لاب» التابعة لشركة «سيركو»
ابتكرت «إكسبيرنس لاب» التابعة لشركة «سيركو» إطارًا مرجعيًّا لقياس أداء خدمات النقل يجمع بيانات من مصادر متعددة بما في ذلك تفاعلات خدمة العملاء، وإدارة رحلة العملاء والتحليلات، والعمليات، وقنوات جمع آراء العملاء بهدف الوصول إلى رؤية متكاملة حول تجربة الركاب؛ إذ إن الجمع بين أنواع البيانات والمصادر المختلفة يُمكّن فريق العمل من فهم تجارب الركاب بشكل أعمق.
يعمل هذا الإطار المرجعي على خلق رؤية شاملة لتجربة الركاب؛ ما يُمكّن مزودي خدمات النقل من اكتساب فهم أعمق لاحتياجات الركاب وتفضيلاتهم، واتخاذ قرارات مستنيرة قائمة على البيانات لتحسين الخدمة.
الحوكمة وإطار صنع القرار
يتطلب تفعيل تجربة الركاب وضع إطار لصنع القرار والحوكمة تماشيًا مع الأهداف الأوسع نطاقًا لنظام النقل، إلى جانب التخصيص الأمثل للموارد. بالإضافة إلى ذلك، فإن التواصل الفعال والتعاون بين مزودي خدمات النقل، والهيئات التنظيمية والحكومية يُعد عاملًا ضروريًا لاتخاذ القرارات بما يخدم مصلحة الركاب.
يمكن وضع هذا الإطار من خلال إنشاء مؤسسة لإدارة النقل تتولى مسؤولية الإشراف على جميع جوانب نظام النقل، فضلًا عن تطوير وتنفيذ السياسات، ووضع معايير الخدمة، ومراقبة الأداء، إلى جانب التنسيق بين مزودي خدمات النقل، وضمان تكامل الخدمات بسلاسة ويسر.
التخطيط للاستثمار
لضمان تقديم أفضل خدمة ممكنة للركاب بواسطة نظام النقل، يجب التخطيط للاستثمارات بشكل استراتيجي؛ ما يعني تحديد المواطن التي سيكون للاستثمارات فيها أكبر تأثير على تجربة الركاب وإعطاء هذه الاستثمارات الأولوية وفقًا لذلك.
يجب أيضًا تبني نهجًا قائمًا على البيانات لضمان الاستغلال الأمثل للموارد المالية. ومن خلال جمع وتحليل البيانات المتعلقة باحتياجات الركاب وتفضيلاتهم، يمكن لمزودي خدمات النقل تحديد المواطن التي سيكون للاستثمار فيها التأثير الأكبر على تجربة الركاب.
وضع استراتيجية تطوير تجربة الركاب
الارتقاء بتجربة الركاب يتطلب ضرورة بناء استراتيجية تُركز على التطوير المستمر من خلال تحديد مواطن ضعف نظام النقل وإعداد خطة لمعالجتها.
إن عملية تفعيل تجربة الركاب من خلال الحوكمة، والتخطيط للاستثمار، وبناء استراتيجية لتطوير تجربة الركاب، تضمن لمزودي خدمات النقل تلبية النظام لمختلف احتياجات الركاب، فضلًا عن الإسهام في النمو الاقتصادي الأوسع نطاقًا داخل المملكة العربية السعودية. مما لا شك فيه، إن العمل على مواصلة التطوير والتركيز على تعزيز مستويات رضا الركاب سيدفع عجلة تطوير نظام النقل لتلبية الاحتياجات المتغيرة في المملكة، واستقطاب الشريحة المستهدفة من الزوار.