بعيداً عن تشنجٍ أصاب محبي الهلال وكارهيه بعد رباعية (الرابع)، وبعيداً عن (عواطف) لا تحب الحقائق، بل تتجنبها لحجب الواقع وجوانبه المضيئة أو المظلمة، علينا أن نعترف بعد هدوء العاصفة بأن الهلال لم يذهب للمشاركة العالمية بترشيح مكاتب، أو بدعم من ورائها، أو بمكاتفات غير قانونية، فالأمر يتعلق بقارة بلجانها الخاصة، وحكامها الدوليين، ورخصة كفاءة لا ترحم من ليس على قدرها.
ذهب الهلال وهو بطلٌ لدورينا، وتربع بالعالمية وهو متسيد لآسيا بكامل القوة والسطوة، غادر إلى (أبوظبي) وهو لا يملك دعماً استثنائياً عن البقية، إلا بليلة تكريم استحقها نظير تشريفه للوطن في وقت ما زال يصارع غيره لإيجاد الرخصة والكفاءة وتجاوز الهلال.
فاز الهلال على المستضيف بنصف درزن فوصفوا الجزيرة بالضعيف، وأنه ليس مقياساً للبراعة، واجه بطل أوروبا فقدم مباراة أشاد بها حتى الإنجليز رغم خسارته بهدف، وتضييعه لأهداف ربما كانت كفيلة بتمديد المباراة لوقت لم يكتبه الله لهم.
وبقدرة قادر تحولت مباراة (الثالث والرابع) التي طالما نعتناها بتحصيل الحاصل إلى مباراة ذات أهمية قصوى، والفوز فيها مسألة مصيرية ترفع من شأن رياضة الوطن أو تنقصها، بينما هي في نهاية المطاف لا تعدو كونها مباراة بين خاسرين، والطموح فيها (يقل أو يرتفع) بحسب طموحاتهما قبل البطولة.
على قدر تمجيدنا للكرة المصرية فناً وروحاً إلا أن المباراة أثبتت بأن سيطرتهم عليها وشراستهم على نتيجتها وفرحتهم بالمركز الثالث لإيحاء أنهم تعاملوا بواقعية مع البطولة، ولم يكن لديهم أدنى شك بأنهم سيحققونها، لذا اعتبروا نتيجتهم مع شقيقهم السعودي في رف المنجزات.
مشكلة الهلال الوحيدة في البطولة هي خسارتهم من الفراعنة، والتي تسبب فيها طموح عالٍ باللقب ويعتبر مستحقاً لكنه (غير عقلاني)، فالكأس لا تنحني لفريق بلا مدرب، وبمهاجم وقّع عقده قبل ليلة الافتتاح، فضلاً عن محترفين لم يسعف الوقت والمال لاستبدالهم شتاءً.
ورغم كل تلك المسببات إلا أن الهلال لم يخرج من البطولة دون نقاط، ولم تكن الأهداف التي عليه أكثر من التي له، وحين خسر بالأربعة فقد فاز قبلها بالستة، وبين الأربعة والستة مساحة طبيعية في عالم كرة القدم لا علاقة للفشل والشرف بها.
على الهلاليين الآن الوقوف كثيراً عند حالة (كنو) المزاجية السيئة حين سقط وكاد يسقط فريقه معه لولا أن الأهلي أخفق في تجاوز حاجز الأربعة ضد فريق فقد لاعبين منذ بدء المباراة.
أما الحديث عن (بيريرا) فهو حديث عن الهدر المالي، والصلافة في الاختيارات الفنية، والمكابرة بعدم الاعتراف أنه مقلب الموسم.
توقيعي
نبارك لجميع الفرق المشاركة (عالمياً) تشريفها لأوطانها، ونخص تشلسي البطل، وحظاً وافراً للبقية ـ خاصةً الهلال ـ لعدم تحقيق اللقب.