بعيدا عن تصريحات القادح، وفي منأى عن مغازلة النصر والأهلي ومناوشتهم إعلاميا، ودون توأمة ـ كما يردد البعض ـ مع الهلال أو الاتحاد، فإن الشباب يحلق بعيدا ليس بنقاط مكنته من مطاردة بطل الشتاء، وإنما بهدوءٍ مقترنٌ بإبداعاتٍ بالملعب تُنبئ عن عاصفةٍ في منصات التتويج متى ما حالفهم التوفيق هذا الموسم أو الذي يليه.
نعم.. فهم يرسمون، ويخططون دون عجل، ثم ينفقون بلا بذخ، ويعملون دون صراخ، ما جعلهم يسطرون داخل الملعب أجمل تقاسيم كرة القدم بموسيقاها الفاخرة، التي يتحكم بكل إيقاعاتها أرجنتيني ساحر اسمه (بانيقا)..
وجود لاعب مثل بانيقا بدورينا يجعل المنصفين منا يلقون التحية لإدارة الشباب، التي أحضرته لملاعبنا لتقديم أجمل الأمسيات الكروية في العاصمة الرياض، بل في كل أنحاء المملكة التي يُعد انتقال الشباب إلى أيٍ منها بمثابة حفلةٍ راقية يقدمها الليوث لجماهيرهم، الذين تجاوزوا بـ(كمهم وكيفهم) مَن كان ينعتهم بالقلّة.
الحديث عن بانيقا بمثابة بعثرة النوتات الموسيقية على هيئة حروفٍ مضيئة لمَن يستحقها، فاستلامه للكرة، واستدارته، ونظرته، وحركته، وحرفنته في التمريرات، لن يتسع المقال لوصف كمية الأناقة فيها، أما قمة متعة التهديف الحاضرة عنده فاختصرها بهدف بمرمى (العويس) في مباراتهم الأخيرة مع الأهلي، بلقطة يصعب على كثير من رؤوس الحربة المتواجدين مجاراته فيها.
أما النيجيري إيجالو فلن نفنّد في موهبته التهديفية، فقد أكدها باعتلائه صدارة هدافي أحد أكبر دوريات القارة (دوري الأمير محمد بن سلمان)، ولكن ما لفت انتباه المتابعين، بل أدهش المحللين والنقاد الرياضيين هو امتلاكه لأعصابٍ من فولاذ داخل المنطقة، مع قوة تركيز، ولامبالاة في التلاعب بالمدافعين حتى تتضح له الصورة، ويتسع الأفق أمامه أكثر، وتنكشف كل الزوايا، فيختار للكرة طريقا (للمرمى) لا يمكّن الحراس إلا من حسرة المتابعة، وجلب (السيدة المنفوخة) من شباك قد يمزقها أكثر، متى ما حافظ شاموسكا على تشكيلته الباذخة (فنا وعطاء) فيما تبقى من الموسم.
وعندما يكون الحديث عن الشباب وشبابه، فلن يكتمل عقد الكلام وجمال حروفه دون رفع العقال لعميد رؤساء دورينا الأستاذ خالد البلطان، الذي انتزع لقب (القادح) من رحم التنافس الشريف، بماله وفكره وسطوته، وها هو الآن يقدم لنا فريقا ثقيلا ومثاليا دون أن يتخلل الموسم تصريح واحد من (اللي بالي بالك)، فعمله هو سر نجاحه، ويعرف بأن لكل وقت معطياته ومتطلباته، فبكلامه تواجد بالمنصات، وبِصَمْتِه ما زال صديقا لها، مما يؤكد أنه (الذئب الذي لا يصمت عبثا).
توقيعي/
يردد الشيوخ: (يا شبابي.. زينة أيامي شبابك)، والآخرون يردون بحسرة (يا عذابي كيف أنا بقوى عذابك)..!!!