قبل سنوات كنا لا نعرف عن الأهلي في الملاعب إلا بريقه، والرقي لإعلامه وإداراته خارج العشب الأخضر.
إلا أن مع متعته هذه كانت تدهشنا نتائجه في مباريات الحسم، والتي تجعلنا بحكم صغر السن -آنذاك- نسمع كل من يفتي فيها من مخضرمين بعضهم رحل عن الحياة، وبعضهم عن لونها.
فحين يأتيك الأهلي في هيئة بطل لا يرى أمامه إلا الهلال وشيئا من الاتحاد والشباب، وفجأة نجده يلعب مبارياته المصيرية وكأنه شيخ هرم، لا يقوى الحراك، فيخرج مهزوزا مهزوما وكاسرا لخواطر محبيه.
كان بعض الجمهور يقدم لنا قبل النهائيات قائمة بأسماء نجوم الموسم الذين ستتوقف عطاءاتهم فجأة، فكانت تزيد دهشتنا حين نرى كلامهم واقعا من خلال إهدار فرص سهلة، وإضاعة ركلات الترجيح والجزاء، فضلا عن بعض مشاكل بدفاعاتهم والحراسة أحيانا.
كنا نعزو كثيرا من ذلك للثقة التي كان يفتقدها بعض نجومهم رغم وجود لاعبين ثقات، ليسوا مثلهم، فمستوياتهم في ثبات، يأكلون العشب (حماسا وفنا) كعبدالجواد الذي حقق كثيرا من الإنجازات، ولولا كبوة بعض الجيل الذي لحقوا عليه قبل اعتزاله لحقق أضعاف ذلك.
وقتها لم يكن الجمهور الواعي يلتفت لأساطير كانت تقال، ومنها أن ما يحدث للقلعة كان نتيجة إحضار (مارادونا بمبلغ باذخ) أصابهم (بدعوة) غيبتهم عن بطولات الدوري..
ومما كان يردده الغاضبون والمندهشون من حالهم أن هناك حرب إدارات أثرت سلبا على بعض النجوم، ورغم إيماننا بأن تعاقب (الإدارات) لها سلبياتها إلا أنها واللاعب السعودي عموما فوق الشبهات.
كذبت الأيام الشائعات، وحقق الأهلي الدوري قبل وفاة مارادونا، واتحدت إدارات النادي على قلب رجل واحد لأكثر من مرة، ولعل آخرها مع الرئيس الحالي إلا أن الوضع باستثناء دوري 2016 ما زال كما هو مما يكذب كل الأساطير، لكنه يثبت بأن هناك كارثة كبرى ما زالت تخنق الأهلي.
سبق وكتبت عن مشكلتهم قبل سنوات، بمجلة حبرها أخضر، فحجب مقص رقيبهم المقال ظنا أنني أسقط عليهم، وباعتقادي لو عاد الزمن بمجلتهم ومراقبيها لنشروا ما أعيد كتابته اليوم في افتتاحيتهم.
المشكلة أيها المجانين أنكم تبالغون (مبكرا) في حب النجوم والمدربين والإداريين لدرجة أنكم لا تأبهون في منح (الرمزية) لكل قادم إليكم، قبل أن يقدم لكم ما يشفع له بما يستحق البقاء.
فتفاجأون بنجم يستهتر، وآخر يساوم الكيان، وآخر يرحل، وآخر يغيب، وآخر يحضر بلا روح، ومع كل تلك الفئات حتى (المغادرة) منها لغيركم دون استئذانكم، تصفقون لهم وترفضون انتقادهم.
إن مصيبتكم الأزلية أنكم لا تحبون بعقلانية، وإنما تعشقون كل من أمامكم بجنون لا حد له.
توقيعي/
الفرق بين (فنون) الحب و(جنونه)، كالفرق بين مشجع للهلال وآخر للأهلي.