…
العين تحكم دائماً بالظاهر ، فمن أخذ بحكمها لم يصب كبد الحقيقة في كثير من المواقف والسلوكيات اللحظية .
فقد ترى العين هيئة شخص يظهر بمظهر الأثرياء ؛ ملبس نظيف ،ومرتب، وبشت على مواصفات الجودة ، وشماغ من أجود وأغلى أنواع الأشمغة ، وساعة وكبكات ماركة عالمية مشهورة ، علماً أن ذلك الشخص من فئة الطبقة المتوسطة أو أدنى ، فكل ما رأته العين مستعار أو مستأجر، أو كان من مال أُخِذَ سُلفة ، إلى أجل غير مسمى، ومع ذلك حمكنا عليه أنه من الطبقة المخملية ذات الثراء الفاحش .
وعلى النقيض من ذلك قد ترى العين أيضاً شخصاً رث الثياب سيء الحال ، كأنه طول عمره رحال ، يقطع الفيافي والقفار على قدميه ، وطعامه الملح وشيء قليل من بقايا الخبز الناشف ، من يراه تأخذه عين الشفقة فيحسن إليه ، وإن كان ذلك المشفق أقل مالاً وولداً .
لكن إذا بحثت بدقة عن حالة ذلك الشخص الذي يبدو وكأنه مسكينٌ ؛ ستجده من طبقة الأثرياء ، الهاي هاي ؛ لكنه لم يجعل المال في يده بل جعله في قلبه ، وسيعيش طوال حياته ظائماً وهو على ضفة نهرٍ جارٍ ( أموال ، وما إنْ مفاتحه لتنوء بالعصبة ) .
شاهدت صورة على منصة التواصل الاجتماعي ، بها طفل ومسن ، وكل واحدٍ منهما يجلس على كرسي متحرك ، ومتقابلان وجهاً لوجه، وكلاهما ينظر للآخر باستغراب ودهشة ، ولن تقل عن دهشة من ينظر إليها أيضاً ؛ حيث يبدأ تلقي تفسيراته وتأويلاته على قدر ثقاته وعلمه .
والأمر الأكثر غرابة ودهشة أن الاثنين( الطفل ، والمسن ) مشتركان في الرقم 90 ، لكن شتان بين 90 عاماً ، و90 سنتيمتراً .
.
إذاً الحكم بالمظاهر غير مجدي للغاية ؛ فلنحذر أشد الحظر من قاعدة الكرسي المتحرك والرقم 90 .