أم المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسن ال شيخ واستهل فضيلته خطبته الأولى بوعظ الناس عن مقاصد الشريعة السمحاء فقال: فإن العبادات كلها ذات مقاصد سامية وحكم نبيلة باهرة وأسرار بديعة عالية فما شرعت عبادة إلا لمصلحة العباد دنيا وآخرى .
قال ابن تيمية: “من فهم حكمة الشارع كان هو الفقيه حقا”.
وإن صوم هذا الشهر وما شرع فيه من طاعات فإنما شرعت كما قال ابن القيم لمصالح معروفة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة.
ولهذا تأتي العبادات اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية لتجدد الإيمان وتعلى الهمم وتزكي النفوس وتحيي الضمائر وتبعث في القلوب الفضيلة والصفاء والنقاء.
أعظم مقاصد مشروعية صوم هذا الشهر وقيامه أنه يبلغ بالنفوس إلى تحقيق تقوى الله جل وعلا
تلك الثمرة التي هي غاية العبادات كلها والطاعات جميعها.
قال ابن القيم رحمه الله: (الصوم من أكبر العون على التقوى فالصوم لجام المتقين ورياضة
الأبرار والمقربين) .
ألا فلتستقم على شرع الله أيها المسلم خذ من عبادات هذا الشهر ما فيه تزكية قلبك وجوارحك لما يرضي ربك جل وعلا لتنال العاقبة الحسنى دنيا وآخرى، قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
ونصح فضيلته المسلمين بالانطلاق إلى تحقيق غاية المحبة مع الله فقال: أيها المسلم انطلق من شهرك هذا إلى تحقيق غاية المحبة لخالقك تبارك وتعالى، وإلى كمال التذلل والخضوع له والاستجابة لأوامره والبعد عن مناهيه وسخطه جل وعلا.
قال الشاطبي رحمه الله: “المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد لله اضطرارا”.
ألا فلنكن على حذر شديد وبعد أكيد عن حال قوم إذا انتهى رمضان عادوا إلى التفريط في
الفرائض والوقوع ف الآثام والفواحش، فالله جل وعلا قال : (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ).
واختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين بعدم العودة إلى ما لا يجمل ديناً ودنيا فقال: بعد أن عشنا رمضان وما فيه من أجواء عبقة وأخلاق جميلة فعلينا الحذر أن نعود إلى ما لا يجمل دينا ودنيا مما حذر منه صلى الله عليه وسلم في قوله: (سيصيب أمتي داء الأمم، فقالوا: يا رسول الله، وما داء الأمم؟ قال: الأشر والبطر، والتكاثر والتشاحن في الدنيا، والتباغض، والتحاسد حتى يكون البغي) رواه الحاكم وصححه الذهبي .
ولتكن الأمة جميعا متخذة من شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن منطلقا إلى تحقيق هذه المقاصد العالية والمعالي الرفيعة في أرض الواقع لنسير على صراط مستقيم في جميع مناحي حياتها.
إخوة الإسلام: يجب أن نتخذ من هذا الشهر الكريم منطلقا لتزكية نفوسنا وتطهيرها من الصفات الرذيلة والأخلاق السيئة لنصل إلى أعلى المراتب وأسنى المطالب التي حث عليها ديننا.
ونصح فضيلته المسلمين في خطبته الثانية بالتقرب إلى الله واغتنام حياتهم في ذلك فقال: مصالح العبادات تعود على العباد وهم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد، فاجتهدوا عباد الله في اغتنام حياتكم فيما يقربكم إلى ربكم، جاء في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: ( يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
وقد صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال آمين ثلاثا فلما نزل سئل عن ذلك فقال: ( أتاني جبريل فقال رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له قل آمين فقلت آمين…. الحديث) أخرجه مسلم .