برغم الصغر النسبي لأبعاد الكلية، التي يبلغ طولها حوالى 12سم وعرضها 7سم وسمكها 3سم؛ فإنها تقوم بمهام خطيرة وضخمة تفوق أبعادها بكثير، تتمثل إجمالًا في تنقية الكليتين لـ200 لتر من الدم في اليوم، أثناء 300 دورة يمر خلالها الدم في الكليتين يوميًّا، ويخضع في كل دورة لعملية ترشيح عبر وحدات بالغة الصغر تسمى النيفرونات، يتراوح عددها في كل كلية بين مليون و1.3 مليون وحدة، تعمل دون توقف على ترشيح السوائل الزائدة، والجسيمات الذائبة في الدم، وتغسلان الدم 36 مرة في اليوم؛ بينما المريض بالفشل الكلوي يغسل دمه على آلة الغسیل3 مرات في الأسبوع، فما وظائف الكلى؟ وما الأمراض التي تصيبها؟ وكيف يفيد الصوم الكلى؟
إخراج السموم
وتقوم الكليتان بالعديد من الوظائف المهمة لصحة وبقاء الإنسان؛ منها تنقية وتنظيف الدم من السموم الناتجة عن عملية الأيض التي تحدث داخل الجسم، والموازنة بين السوائل التي يحتوي عليها الجسم، وإنتاج إنزيم الرينين الذي يساعد على التحكم في ضغط الدم، وإفراز هرمون إريثروبويتين، الذي يساعد في إنتاج خلايا الدم الحمراء، وتنشيط فيتامين “د”؛ للحفاظ على عظام صحية، وضبط مستوى الأملاح والمواد الكيميائية الأخرى؛ للحفاظ على عمل الجسم على نحو ملائم، والمحافظة على حموضة وقلوية الدم.
وتنهض الكليتان بعملهما دون كلل ووفق معايير دقيقة للغاية؛ فخلال تخلصها من السموم الموجودة في الدم عبر طرحها في البول؛ تفصل الكليتان المواد المستهلكة الناتجة عن التمثيل الغذائي عن العناصر الضرورية لعمل الجسم مثل، الصوديوم والبوتاسيوم والمغنسيوم، وتُبقيها في الجسم؛ فتحول دون تعرض الجسم لمخاطر نقصان هذه العناصر المهمة.
والكليتان مُعَرّضتان للإصابة بعدد من الأمراض التي تتسبب في قصور جزئي أو كلي في أدائها؛ منها مرض الكلى المزمن، الذي يُعد الأكثر شيوعًا بين أمراض الكلى، وهو حالة مرضية طويلة الأمد لا تتحسن بمرور الوقت وتحدث عادةً بسبب ارتفاع ضغط الدم، وحصى الكلى التي تتكون بسبب تبلور المعادن، ومواد أخرى داخل الكلى مكونة كتلًا صلبة، ومرض تكيّس الكلى المتعدد، وهو اضطراب جيني يسبب تكوّن عدد كبير من الأكياس داخل الكلى؛ مما يعيق عملها ويؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي.
فوائد الانقطاع
ويُجمع المختصون على فائدة الصوم للكلى؛ موضحين أن انقطاع الإنسان عن شرب الماء مدة 10- 12 ساعة تقريبًا يفيد الكلى، بإعطائها فرصة للراحة والتخلص من الفضلات والسموم، وزيادة نسبة الأملاح في الجسم مثل الصوديوم والبوتاسيوم، وخفض نسبة الكالسيوم؛ مما يحمي الكلى من الترسبات الكلسية، وأشاروا إلى أنه أثناء الصوم يرتفع معدل الصوديوم في الدم وينخفض في البول؛ مما يمنع الكالسيوم من تكوين بلورات؛ لأن الصوديوم يزيدها.
وفي بحث عن “تأثير الصيام الإسلامي على مرضى الكلى والمسالك البولية”؛ أوضح الدكتور فاهم عبدالرحيم من كلية طب جامعة الأزهر، أن حصوات الكلى لا تتكون إلا حول نواة بروتينية؛ وهو ما ثبت عمليًّا أنه لا يمكن حدوثه في نهار رمضان أثناء الصيام؛ لأن عملية الهضم والامتصاص تتوقف ولا يعمل سوى عملية التغذية الذاتية؛ وهذا يعني أن الصوم يقي الإنسان ويحافظ عليه من تكوين الحصوات التي تؤثر على وحدات التنقية والترشيح في الكلية؛ لكن يجب أن يضع الصائم في اعتباره المحافظة على شرب كمية يحتاجها جسمه من السوائل بين الإفطار والسحور؛ حتى يساعد الكليتين على أداء عملهما وتنقية الدم.