يتداول أهالي محافظة العُرضيات هذه الأيام -عبر مواقع التواصل الاجتماعي- خطابًا يتضمن الإشارة إٍلى دراسة حول ضم محافظتَي (القنفذة والعُرضيات) والمراكز التابعة لها إلى منطقة الباحة. هنا سأتحدث عن (محافظة العُرضيات) بوصفي منتميًا لها ومطَّلعًا على كثير من المطالبات والمداولات التي بدأت منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. وحتى يعرف القارئُ أُسَّ المسألة فهي تتعلق بموقع محافظة العُرضيات -أقصى جنوب منطقة مكة المكرمة- التي تُشكل شبهَ جزيرة محاطة من جهاتها الشمالية والشرقية والجنوبية بمنطقتَي الباحة وعسير، وتبعد -من منتصفها- عن مدينة الباحة (١٢٠)كم فقط، في حين تبعد عن مدينة مكة المكرمة (٤٣٠)كم. وبناءً على هذه المعطيات الجغرافية ظل اعتماد العُرضيات وبشكل مباشر على منطقة الباحة في الصحة والتعليم الجامعي -وهاتان المؤسستان أصبحت خدماتهما مؤخرًا شبه مقتصرة على الباحة- والطرق والكهرباء والضمان الاجتماعي وغيرها، وهو ما جعل الأصوات تتعالى بطلب انضمام العُرضيات لمنطقة الباحة؛ بحكم مجاورتها لها، وبحكم بعدها عن مدينة مكة المكرمة. الخطاب إياه ذكر أن الأمر قيد دراسة جهات حكومية بلغ عددها (٩) جهات على أن تَرفع هذه الجهات بما توصلت إليه خلال (٦٠) يومًا، ولذا فلن أستبق النتائج التي أرجو أن تضع مصلحة الأهالي والبعد الجغرافي للعُرضيات عن مكة في أولى اعتباراتها، لا أن تركن لآراء ثلة قليلة ممن لا تعنيها مصلحة الأهالي، وترى في هذا الانضمام تهديدًا لمصالحها الشخصية وأعني بها مَن تُقضى حوائجُها وهي على أرائكها، في حين يتكبد البُسطاء مشقة السفر واستجداء بعض الجهات لتوفير خدماتها. في هذا المقام ينبغي أن نعلم أن منطقة مكة المكرمة بذلت مشكورة جهدها، لكن ينبغي ألا يغيب عنا أنها منطقة مترامية الأطراف وتحتل المرتبة الأولى في عدد السكان ولديها موسم الحج الذي يأخذ الكثير من جهدها ووقتها واهتمامها بالإضافة للعمرة المستمرة طوال العام، ولديها ثلاث مدن مليونية، إضافة لبعد العُرضيات عنها، كل هذه العوامل تجعل القصور يعتري الخدمات المقدمة للعُرضيات وتجعلها بعيدة عن أعين الرقابة والمتابعة، مع أن الجميع يشهد ويقدر ويشيد بما قدمه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة منذ توليه إمارة المنطقة.
مأمول من الجهات المعنية أن تدرك أن هناك فرقًا في (الكم والكيف وسهولة المتابعة وجودة الأداء) يميل لصالح تقديمها خدماتها للعُرضيات انطلاقًا من الباحة المجاورة خلاف تقديمها لها من مكة القصية، مأمول منها أن تدرك أن هناك حالاتِ ضمٍّ مماثلة كمركز البِرْك الذي كان تابعًا لمنطقة مكة ثم ضم إلى منطقة عسير، ومركز شُرَى الذي كان تابعًا لمنطقة عسير ثم ضم إلى منطقة الباحة، بالتالي فليست العُرضيات وغيرها بدعًا من الضم، مأمول منها أن تدرك أن تسريع عجلة التنمية في العُرضيات والبت في قضاياها العالقة يأتي نتيجةً حتميةً لقرب مراكز الإشراف على هذه الخدمات من أماكن تواجدها في العُرضيات، مأمول منها أن تدرك أننا نعيش مرحلة (التحول الوطني) وفق رؤية (٢٠٣٠) وأن التعجيل بضم العُرضيات للباحة يحقق مقاصد التحول، مأمول منها استشعارُ وجاهةِ مطالبِ الأهالي التي مرت عليها عقود ولم تتحقق، مأمول منها أن تدرك أن طلاب العُرضيات وطالباتها لم تعد فُرص قبولهم متوفرة في جامعة الباحة وكلياتها بسبب عدم تبعيتهم لها إداريًّا والحال نفسها مع الصحة، مأمول منها أن تضع في مفهومها أننا نعيش في وطن واحد وتحت قيادة واحدة بالتالي أنى اتجه أهالي العُرضيات فهم في وطنهم وفي ظل قيادتهم. وليكن معلومًا لديها أن الضم مطلب تنموي ضروري للأهالي الذين اشتغلوا عليه منذ قرابة ثلاثة عقود، وهاهم اليوم يكررون المطلب ذاته.. وأظنه قد آنَ الأوان لـ»مُدمن القرع للأبواب أن يَلِجَا».