كشفت مصادر أمنية مطلعة في صنعاء، أن ميليشيا الحوثي استعانت في تصفية حليفها السابق الرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ بما يسمى “الأمن الوقائي”، وهي قوة أمنية سرية متعددة المهام، تتلقى أوامرها من زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي مباشرةً.
وبحسب المصادر، عمل عناصر “الأمن الوقائي” على مدى شهور على رصد كافة تحركات الرئيس السابق، بما في ذلك اتصالاته ولقاءاته واتصالات المقربين منه والأماكن التي يتنقل بينها، كما حصلوا على معلومات دقيقة عن حجم القوات الموالية له، ونوع التسليح الذي تمتلكه، وفق صحيفة “الشرق الأوسط”.
وعمل الحوثيون -بحسب المصادر ذاتها- من خلال جهازهم السري على شراء واستئجار المئات من المنازل في “الحي السياسي” بصنعاء والمناطق المحيطة بالمنازل التي يمتلكها صالح وأقاربه والقيادات القريبة منه، وكدسوا الأسلحة داخلها، كما جعلوها مأوى للمئات من المسلحين في انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على صالح وأعوانه.
وبعد انتهاء مرحلة التطويق السري والرصد، استطاعت القوة السرية زراعة أجهزة تنصت داخل منزل صالح، واشترت مقربين منه ضمن حراساته وطاقمه الإعلامي لرصد كل تحركاته، بما فيها اتصالاته مع زعماء القبائل المحيطة بصنعاء.
وتقول المصادر إن هذه القوة ساهمت إسهامًا مباشرًا في اقتحام منزل صالح وتصفيته مساء الثالث من ديسمبر الجاري مع عدد من أعوانه، وتلفيق رواية أخرى عن مقتله أثناء هروبه في الضواحي الجنوبية للعاصمة.
ويصل عدد عناصر هذا الجهاز إلى 3 آلاف شخص؛ منهم خبراء في المعلوماتية، ومهندسون في تقنيات الاتصال والرصد والتحليل، بجانب وحدة عسكرية مدربة للمهام الخاصة وظيفتها تنفيذ الاقتحامات والاغتيالات وصناعة المتفجرات، إضافة إلى وحدة أخرى مهمتها التجنيد والاستقطاب.
وترتبط بالقوة وحدة أخرى تقوم بالعمل الإرشادي الدعوي (الأمن الثقافي)، ووظيفتها -بحسب المصادر- نشر أفكار الجماعة، وملازمة مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، واختراق الوسط الإعلامي، وتنظيم الدورات والندوات وورش العمل، سواء داخل اليمن أو في بيروت وإيران.
ولا يُعرف الكثير عن قيادات هذه القوة الأمنية، حتى داخل أنصار الميليشيا وقياداتها المدنية والعسكرية؛ نظرًا إلى إحاطة أفرادها بهالة من الغموض والسرية.
لكن تؤكد المصادر أن زعيم الميليشيا أسس هذه القوة الأمنية في صعدة مسقط رأسه من عناصر شديدة الولاء له.
كما تقدر المصادر أن عناصر من المخابرات الإيرانية وعناصر أمنية تابعة لميليشيا “حزب الله”؛ ساهمت في تدريب هذه القوة السرية قبل أن توسع دائرة نطاق هذه القوة جغرافيًّا إلى صنعاء وكل المحافظات التي باتت تحت سيطرة الجماعة بعد اجتياح العاصمة.
وأوضحت المصادر أن هذه القوة الأمنية متعددة المهام، تمثل الذراع الاستخبارية لزعيم الجماعة، وتتجاوز وظيفتها دائرة الخصوم إلى عناصر الجماعة نفسها؛ حيث ترصد كل تحركات قيادات الميليشيا، وتقدم تقارير يومية إلى زعيم الجماعة تشمل كل التفاصيل عن أداء الميليشيا.
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” إنها اطلعت على نموذج رسمي لاستمارة انتساب عناصر “الأمن الوقائي الحوثي”، تتضمن ديباجتها “الشعار الخميني” وعبارة “المسيرة القرآنية” باعتبارها مؤسسة موازية للجهورية اليمنية الغائبة بقيادة زعيم الجماعة الحوثي، وتحتها عبارة “الجانب الجهادي”، كما تتضمن خانات لاسم الشخص المنتسب، واسمه الحركي، ورقمه، ونوع تخصصه، ورقم الملف، وتاريخ الانتساب.
وهناك ترجيحات بأن فريق الاغتيالات في هذا الجهاز هو المسؤول عن تصفية عدد من عناصر الميليشيا وقياداتها الذين حاولوا تجاوز الخطوط الحمراء لزعيم الجماعة، ومنهم الإعلامي عبد الكريم الخيواني، وعضو البرلمان عبد الكريم جدبان، وعضو مؤتمر الحوار الوطني أحمد شرف الدين، ومحمد عبد الملك المتوكل.
ويقول أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام، إن جهاز الحوثي السري هو الذي تولى -منذ مقتل صالح- حملات الملاحقة ضد أنصاره والاعتقالات وعمليات التصفية ودهم المنازل ونهبها وتفجير بعضها.
وربطت الصحيفة بين هتك سرية هذه القوة وبين اتهامات وجهها محامي الرئيس السابق محمد المسوري، في منشور على صفحته في “فيسبوك” أمس لقوات “الثوري الإيراني” بالمشاركة في تصفية صالح ومساعديه. ورجحت أن هذه العناصر الإيرانية لا تزال تتولى مهام التدريب والإشراف على الجهاز الأمني الحوثي.