أوضح الدكتور خالد الزعاق الباحث والفلكي المعروف، أنه خلال الخمسين يومًا القادمة، سنعيش الأيام الأجمل في السنة على الإطلاق على مناطق الخليج، وهي فترة موسم الوسم، الذي سيحل علينا غدًا الخميس 22/11/1439هـ – 12/10/2017م ، وهو موسم علائل الريح ذات النسمات المدهونة بالبرودة، التي تغنَّى بها الشعراء على مر العصور.
وأشار الزعاق إلى أن الثلاثة عشر يومًا الأولى تسمى موسم الصفار، وهي لفظة تكبير لموسم الصفري؛ فالشخص الذي نجا بجلده من موسم أمراض الصفري فإن أمراض موسم الصفار له بالمرصاد، وستكون أشد فتكًا به؛ لعدم أخذه جرعة مناعة من الصفري. وسُمِّي بالصفار لشدة اصفرار الجسم من الأمراض، وأهم مسبباته النوم بالعراء دون لحاف وشرب البوارد من السوائل.
وبيَّن الزعاق أن الوسم يطلق في اللغة على أثر الكي. والوسمة تطلق على ما وُسم به إنسان أو حيوان من ضروب النقوش، والصور؛ فما تزال القبائل الإفريقية تَسِمُ أفرادها بالكي أو الصبغ للتميز، وعند أهل الأنواء يطلق على الفترة الزمنية التي تلي موسم سهيل، وهو موسم بداية نزول الأمطار الطبيعية.
والأمطار السابقة على دخوله تسمى “قلايد الوسم”. والأمطار التي تهطل في أوله تسمى “الثروي” نسبةً إلى الثريا، والأمطار التي تهطل في آخره تسمى “الولي”.
وأول سحب الوسم يسمى (عهادًا) واحدها عهدة، والسحاب المبكر الذي يظهر مع دخول الوسم يقال له (المرابيع) واحدها مرباع كمرابيع الإبل، وهي التي تنتج في أول الزمان، ويقال للمكان السريع النبات: (مرباع)، وأرض مربعة.
وجميع فترات أمطار الوسم مفيدة جدًّا للأرض والبحر، فيقول السلف عن مطره: (حص في البحر وفقع بالبر)؛ أي أن مطر الوسم إذا سقط على البحر يخلق اللؤلؤ، وإذا سقط على البر ينبت الفقع؛ فالبذور المدفونة في باطن الأرض والمحار المختفي في أصدافه تكون متحفزة لمطر الوسم، وهو الموسم اللائق لضخ ماء الحياة في أجسادها. ومطر الوسم شحيح، لكنه نافع جدًّا. ومن باب العادة أن الأمطار إذا بكرت تكون توابعها على فترات متباعدة، وإذا تأخرت تتابعت. ومطر الوسم -ولو كان قليلًا- مفيد للأرض؛ لأنه ينبت الكمأة “الفقع” والنفل والروض وجميع الأعشاب البرية المفيدة للرعي.
وتلوح في الأفق علامات مبشرة، علاوةً على أن نماذج الأرقام العددية إيجابية حتى هذه اللحظة، وهذا من باب الاستئناس لا من باب التأكيد.
وللوسم علامات تدل على دخوله؛ أهمها تخلُّق السحب وظهورها من جهة المغرب، واخضرار الأشجار، وانكسار حدة الحرارة، وتفشي النمل وهيجانه على وجه الأرض.
ولفت الزعاق إلى أن مدة الوسم النوئية اثنان وخمسون يومًا، والفعلية اثنان وسبعون يومًا؛ فعشرون يومًا من المربعانية تُعَد من الوسم.
والطقس السائد في الأيام الأولى من الوسم رطب، وتكون الرياح متقلبة الاتجاه خفيفة السرعة، وقد تهب بين حين وآخر ولفترات وجيزة ريح شمالية غربية لا تدوم طويلًا مع برودة ملحوظة في آخر الليل.
وأول الوسم موسم متكفهر تقريبًا، لكنه أخف حدةً من آخر الربيع؛ فالشتاء يدخل بنعومة والصيف يدخل بخشونة؛ لهذا يحصل فيه تذبذب في المنظومة المناخية؛ الأمر الذي يجعل الأمراض الخريفية تنتشر انتشارًا متفشيًا.
ولا تزال الشمس تتدحرج ناحية الجهة الجنوبية من خط الاستواء استعدادًا لموسم الشتاء القادم. وإثر ذلك تنخفض درجة الحرارة بالتدريج مع مرور الأيام، وخاصة أثناء الليل، وأشعتها لم تنكسر حتى الآن، فلا تزال ذات لسع حاد في الظهيرة، ولا يزال الجو حارًّا نهارًا باردًا نسبيًّا في آخر الليل في هذه الفترة الزمنية. ويعتدل الجو بعد عشرين يومًا تقريبًا أثناء النهار، وتزداد برودته أثناء الليل.
وسيبدأ صغار وكبار السن يرتدون الشتوي في أوائل شهر ربيع أول. أما الشباب فلا يرتدون الملابس الشتوية إلا في أواخره.
وأول نجوم الوسم يقال له العواء، ومطره محمود؛ حيث ينبت الشيح والنفل والأعشاب البرية، بالإضافة إلى الكمأة (الفقع). وتقول العرب في هذا النجم: “إذا طلعت العواء طاب الهواء، وضرب الخباء، وكره العراء، وشنن السقاء”.