اليوم، أكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، 100 يوم منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، خلفاً لأخيه الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز “يرحمه الله”، 100 يوم تصدّرت فيها الإنجازات والأرقام ما بين عاصفة حزم وإعادة أمل و50 أمراً ملكياً رسخت أركان الدولة في جهدٍ ظهر جلياً بعد 10 أيام فقط من توليه ـ يحفظه الله ـ المسؤولية؛ ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون”، إلى التأكيد على أن ما أنجزه الملك سلمان خلال عشرة أيام فقط، لا يقوم به الزعماء الجدد خلال 100 يوم.
ويمكن اختصار إنجازات الملك سلمان في أرقام، حيث أصدر أكثر من 50 أمراً ملكياً، استهدفت إعادة تشكيل ملامح مجلس الوزراء، الذي شهد ولأول مرة أكبر تشكيل له منذ عقود، ومن بين هذه القرارات إلغاء 12 لجنة ومجلساً متخصّصاً، أبرزها مجلس الأمن الوطني، ومجلسان متخصّصان في الطاقة الذرية والمتجدّدة، إضافة إلى تخصيص 110 مليارات ريال لتطوير ودعم المرافق والخدمات والأنشطة المختلفة.
الساعات الأولى
أظهر الملك سلمان، في الساعات الأولى من تولي زمام الأمور في البلاد، حرصه الكبير على تعزيز الأمن والاستقرار في ربوع المملكة، عبر تثبيت بيت الحكم، وترتيب أركان الدولة، وأطلق حزمة من القرارات والتعيينات التي تلت وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إذ أصدر قراراً بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز حينها ولياً للعهد، والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، في رسالة اطمئنان إلى الشعب السعودي “أولاً”، وإلى مَن يهمه الأمر “ثانياً”، بأن المملكة راسخة الأركان، ولا تعاني أيّ فراغ سياسي من أي نوع، وأن رجالها وقادتها، لديهم من الحكمة والقدرة على ترسيخ وحدة البيت السعودي في دقائق معدودة، وتعزيز الانتقال السلس للحكم بين أفراد أسرة حاكمة مترابطة ومتماسكة؛ تسير على نهج الملك المؤسِّس.
منح وتطوير وتفعيل
هذه القرارات أخرست ألسن الحاقدين على المملكة، الذين ألمحوا بظهور قلاقل أو نزاعات في بيت الحكم السعودي، ولم تنس قرارات الأيام الأولى أفراد الشعب السعودي، فمنحتهم راتب شهرين لموظفي الدولة، وسارت على النهج ذاته، مؤسسات وشركات كثيرة في القطاع الخاص، إلى جانب تخصيص 20 مليار ريال لتسريع خدمات الكهرباء والمياه، والعفو عن سجناء الحق العام، ومنح إعانة شهرين للمعاقين، وتفعيل مشروعات الوزارات الخدمية، وصرف راتب شهرين للمتقاعدين والموظفين ومستفيدي الضمان الاجتماعي والطلاب والمبتعثين، واستمرار برنامج الابتعاث، وفرض رسوم على الأراضي البيضاء، ونقل اختصاص خمسة أجهزة حكومية من وزارة المالية إلى الوزارات المعنية.
34 قراراً
ولم تمض 6 أيام على تولي خادم الحرمين الملك سلمان مسؤوليته، إلا وأصدر 34 قراراً ملكياً، تضمنت تعيينات وزارية ورسمية، تضم عدداً كبيراً من الشباب يضخون دماءً جديدة لمفاصل الدولة، تتمتع بروح الحماس والرغبة في إنجاز مشاريع نوعية، وتطبيق فكر جديد يرتقي بالدولة، مغاير للفكر القديم، ولم ينس الملك سلمان في قراراته ـ يحفظه الله ـ الشأن الاقتصادي والشأن الأمني، فأمر بإنشاء مجلسيْن؛ الأول للشؤون السياسية والأمنية، والآخر للشؤون الاقتصادية والتنموية، بهدف القضاء على البيروقراطية وتشتت الجهود وبطء اتخاذ القرارات في أجهزة الدولة.
صياغة الأركان
وفي يوم الأربعاء الماضي، استكمل الملك سلمان مشروع إعادة صياغة أركان الدولة، فأصدر قرارات ملكية أخرى بهذا الشأن أبرزها تعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، بدلاً من الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي طلب إعفاءه من هذا المنصب، والأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، وإعفاء الأمير سعود الفيصل من وزارة الخارجية بناءً على طلبه، وهي القرارات التي نالت إشادة محلية ودولية كبيرة، وأجمع محللون على أن الملك سلمان بدأ يُرسي دعائم المملكة الجديدة، بتدشين عصر حكم أحفاد الملك المؤسِّس، وكان اختيار الأمير محمد بن نايف كولي للعهد محل تقدير وإشادة من الجميع في الداخل والخارج، الذين رأوا أنه قائد المرحلة المقبلة، كما أن اختيار الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، حظي بدعم كبير لما أنجزه الأمير الشاب من مهام مصيرية في الفترة الماضية، وتزامن مع هذه القرارات، إصدار قرار آخر بصرف راتب شهر للعاملين في القطاعات الأمنية تقديراً لدورهم.
“حزم” و”أمل”
ولعل أبرز إنجازات الملك سلمان على الإطلاق، إعلانه للجميع أن المملكة لن تقبل بأي تهديد من أيّ نوعٍ بالقرب من حدودها، وأنها ستقف بجانب الشعب اليمني الشقيق ضدّ الانقلابيين الحوثيين على الشرعية، فأمر ببدء “عاصفة الحزم”، التي استمرت نحو 4 أسابيع، وبعد انتهاء الأهداف التي انطلقت من أجلها العاصفة، بدأت مرحلة “إعادة الأمل” للشعب اليمني السعيد، وكان اجتماع الملك سلمان مع القيادات الخليجية في قصر” العوجا” يوم السبت 21 مارس الماضي، قد تمخض عنه انطلاق “عاصفة الحزم” التي شاركت فيها 10 دول لتحجيم عصابات الحوثيين وإعادة الشرعية لليمن، ومقاومة التمدد الإيراني في جنوب الجزيرة العربية، ووصف المحللون العسكريون في العالم هذه الحملة بأنها خطوة مهمة وتحسب للملك سلمان، الذي أراد أن يؤكد أن المملكة بقدر أنها دولة مسالمة وصديقة، فهي لن تتردد في الدخول في أي حرب دفاعاً عن أراضيها، وعن أمن حدودها والدفاع عن شعبها، كما أمر خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن من خلال الأمم المتحدة، تزامناً مع إطلاق “إعادة الأمل”.
إنجاز 63 عاماً
ويؤكد أفراد الشعب السعودي، أن الملك سلمان، ليس في حاجة إلى رصد إنجازاته في 100 يوم، مشيرين إلى أن إنجازات الملك مستمرة على مدار 63 عاماً مضت، وتحديداً منذ عام 1373هـ، حين عُيّن أميراً لمنطقة الرياض بالنيابة، متفقين على أن سلسلة الإنجازات مستمرة كل يوم، وأن العبرة في إيجاد الراصد الناجح الذي يستطيع أن يحصي الإنجازات المتتالية والمتتابعة، ولا يفلت منه إنجاز.