لا يرحل بعض الناس حين يغيبون، بل يزداد حضورهم في الذاكرة، لأنهم عاشوا بقلوبهم قبل أسمائهم؛ هكذا كان خالي ” ناصر بن صالح آل حمدان الوزرة ” -رحمه الله – إنساناً سبق أثره حديثه، وترك في النفوس فراغاً لا يملؤه إلا الدعاء.
كان محبوباً من الجميع ، من أقاربه وأرحامه، وأصدقائه وجيرانه، لا لشيءٍ إلا لأنه كان قريباً من الناس، يسمع لهم أكثر مما يتكلم، ويمنحهم شعور الأمان والاهتمام ؛ لم يكن الخير عنده مناسبة، بل عادة يومية ، وبسمة صادقة ، وموقفاً نبيلاً في وقت الحاجة.
كان سخياً كريماً، مفتوح المجلس والقلب، يأنس الناس بوجوده قبل حديثه، ويشعر الداخل إلى مجلسه أنه بين أهله؛ وكان واصلاً لرحمه، عطوفاً على إخوانه وأخواته، أدّى دور الأب والمسؤول منذ وقت مبكر، فكان لهم سنداً وظهراً، يحمل همّهم كما يحمل همّ نفسه، ويقدّمهم على راحته دون تردّد.
وبعصاميةٍ واضحة، بدأ طريقه من الصفر، ووقف في دكانه صغير السن، ينافس بثقة من هم أكبر منه وأكثر خبرة، فصنع اسمه بعمله، وكسب احترام الناس بصدقه؛ رزقه الله من واسع فضله، فكان المال عنده وسيلة للخير، لا غاية، ينفقه حيث يرى الحاجة، في صمتٍ بعيد عن الأضواء.
وعندما ابتُلي بمرض الفشل الكلوي خمسة عشر عاماً، لم يُعرف عنه تذمّر ولا شكوى؛ بل كان صبوراً محتسباً، يُخفف عن من حوله وهو المتألم، ويقابل أيامه الثقيلة برضا وتسليم، وكأن صبره امتدادٌ لكرمه، وابتسامته شكلٌ آخر من أشكال العطاء.
رحمك الله يا خالي، فقد علمتنا أن الرجولة أخلاق، وأن القوة رحمة، وأن الإنسان يُقاس بما يتركه في قلوب الناس لا بما يملكه .
أسكنك الله فسيح جناته، وجزاك عنا وعن كل من عرفك خير الجزاء.
غانم بن عبدالله سعد آل غانم
@Gkshfe