في زحام المراكز الصحية والمستشفيات المحيطة بالحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يتوافد آلاف الحجاج والمعتمرين طلباً للعلاج، أو لقياس الضغط أو السكري، أو الاستشارة، تتجلى صورة مشرقة من العطاء الإنساني عبر فتيات الكشافة اللواتي يقدمن يد العون والمساندة للمرضى والمراجعين، بروح ملؤها الرحمة والإخلاص، ضمن أعمال معسكرات الخدمة العامة التي تُقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالتعاون والتكامل مع مختلف قطاعاتها الكشفية،
ففي إحدى ليالي رمضان، وبينما كانت سارة، وهي متطوعة كشفية، تمارس دورها في أحد المراكز الصحية القريبة من المسجد النبوي، لفت انتباهها زائر مُسن يجلس على كرسي متحرك، تبدو عليه علامات التعب، وكان يحاول التواصل مع الطاقم الطبي لكن حاجز اللغة وقف عائقًا بينه وبين طلبه.
تقدمت سارة نحوه بابتسامة دافئة وسألته بلغة الإشارة عمّا يحتاج، وبعد محاولات، فهمت أنه يشعر بدوار شديد ويريد مراجعة الطبيب، لكنه لا يعرف كيف يشرح حالته، وبسرعة، استعانت بزميلتها التي تجيد لغته، وساعدنه في إتمام الإجراءات الطبية، ولم تكتفِ بذلك، بل بقيت بجانبه، تطمئنه وتحضر له الماء وتواسيه حتى انتهت استشارته.
في موقف آخر، كانت لمار الزبيدي، وهي عضوة في فتيات الكشافة، ترافق حاجّة مسنّة أصيبت بإعياء شديد بعد الطواف، ساعدتها على الجلوس، وطلبت لها الإسعاف، وظلت تمسك بيدها حتى وصلت الطواقم الطبية. كانت تلك السيدة، رغم ضعفها، تكرر الدعاء لفتاة الكشافة لمار بدموع الامتنان.
ليظهر لنا أن دور فتيات الكشافة في خدمة المرضى والمحتاجين في الحرمين الشريفين ليس مجرد عمل تطوعي، بل هو رسالة إنسانية تعبّر عن أسمى معاني الرحمة والتعاون، إنهنّ لا يقتصرن على تقديم الخدمات اللوجستية، بل يحملن قلوباً مليئة بالحب والإنسانية، ليكون وجودهنّ بلسماً يخفف عن المرضى آلامهم، ويمنحهم إحساساً بالأمان وسط الغربة.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *