عزّز إطلاق الشبكة الاجتماعية “ثريدز”، المنافسة بين مارك زوكربيرغ، وإيلون ماسك المستحوذ على تويتر، في معركة لإرضاء طموحاتهما الشخصية، يبدو أن الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” يتقدم فيها.
وحتى قبل إطلاق هذا التطبيق الجديد الذي يسعى إلى منافسة تويتر، كان التوتر بلغ أشدّه بين رائدي الأعمال بعدما تحدّى ماسك علناً زوكربيرغ في مباراة لفنون القتال المختلطة بنهاية يونيو.
ومع أن زوكربيرغ متحفظ عادة إلى درجة أنه يبدو بارداً، رد الرجل الثلاثيني بالموافقة.
وخلافاً لعاداته، حاول زوكربيرغ أن يلجأ إلى الدعابة للسخرية من إيلون ماسك لمناسبة إطلاق “ثريدز”، المنصة التي وصل عدد مستخدميها إلى مئة مليون مشترك في أقل من خمسة أيام.
ورد زوكربيرغ برمز تعبيري يظهر وجهاً ضاحكاً، على منشور لسلسلة الوجبات السريعة “ونديز”، التي اقترحت عليه أن ينظم رحلة فضائية “فقط لإزعاج” ماسك، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس شركة “سبايس اكس” الفضائية.
وانتقد زوكربيرغ علناً تويتر لعدم تمكنها، على حد قوله، من الحفاظ على أجواء إيجابية في المنصة، وهو ما يَعد بالسعي إلى تحقيقه في “ثريدز”.
ثم لجأ ماسك إلى مختلف الوسائل المُتاحة له، فهدد “ميتا” بملاحقتها قضائياً لانتهاكها حقوق الملكية الفكرية، من خلال توظيفها أشخاصاً كانوا يعملون سابقاً في تويتر، وهو ما نفته “ميتا”، ومن ثمة وجّه ماسك سهامه ضد “ثريدز” عبر تويتر.
وغرّد ماسك عبارة “‘Zuck is a cuck”. وكلمة “cuck” (كاك) بالإضافة إلى تشابهها لفظياً مع كنية رئيس “ميتا”، تشير إلى شخص يخونه شريكه، وبطريقة تنطوي على ازدراء إلى شخص معتدل أو تقدمي من الناحية السياسية.
يقول الأستاذ في جامعة فلوريدا أندرو سيليباك، “من الغريب رؤية هذين الشخصين الثريين جداً ينزلقان نحو هذا الأسلوب اللفظي”، مضيفاً إنّ “الأمر ينطوي على جنون إلى حد ما”، فتصرفات إيلون ماسك “صبيانية” على عكس سلوك زوكربيرغ.
لكنّ هذا الفرق بين الرجلين يصب في مصلحة المؤسس المشارك لفيسبوك، الذي تدهورت سمعته منذ سنوات، نتيجة ما يقال عن أسلوبه الجاف والجامد في التواصل، فضلاً عن قضايا مرتبطة باستعمال فيسبوك بيانات مستخدميها الشخصية، والفضيحة المتعلقة بشركة “كامبريدج أناليتيكا” عام 2018.
ويقول المحلل روب إندرله، إنّ “هذه الهجمات التي يطلقها ماسك لم تؤد سوى إلى تلميع صورة زوكربيرغ”.
ويضيف المحلل، أن منصة “ثريدز”، أضافت أجواء حيوية على “ميتا” وصاحبها، إما من جهة اسلوب إدارتها المختلف عن أسلوب إدارة تويتر، أو من جهة ميزاتها الخاصة.
وتحظى الشبكة الاجتماعية الجديدة راهناً بفترة سماح تجعلها، ولو أنها قد لا تستمر، في منأى عن أي جدل.
كما توفر أيضا بديلاً مستقراً لمستخدمي تويتر المحبطين.
وتقول المحللة كارولينا ميلانيسي، “إنّ الانجذاب للربحية مسألة يمكنني فهمها، لكن في حالة تويتر ثمة رجل ثري هاجسه نفسه، وقيمه الأخلاقية دنيئة”.
وليست الخصومة بين رؤساء الشركات في المجال التكنولوجي وغيره مسألة جديدة.
إلا أنّ شخصيتين بارزتين في الاقتصاد الجديد، هما المشارك في تأسيس “آبل” ستيف جوبز، والشريك المؤسس لـ”مايكروسوفت” بيل غيتس، حافظا مدى عقود على علاقة معقدة تقوم في آن واحد على الازدراء والإعجاب.
ويشير روب إندرله، إلى أنّ ستيف بالمر الذي خلف بيل غيتس، “كان يغيّر الأثاث عندما يترك الأشخاص مايكروسوفت لينضموا إلى غوغل”، أما ما وصل إليه الأمر بين إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ “فهذا جنون”، في رأيه.