أصبح البقاء في البيت، وتحديدًا فوق السرير، لمشاهدة التليفزيون، بعيدًا عن صخب الحياة الاجتماعية، مظهرًا من مظاهر الهروب من الواقع وفق خبراء نفسيين تحدثوا لشبكة “سي إن إن” تعليقًا على ترند “التعفن” الذي استقطب كثيرين، خصوصًا من مستخدمي تطبيق تيك توك.
مصطلح “التعفن في السرير”
وبعد العمل في دوام نهاية الأسبوع، عادت الدكتورة جيسيكا غولد، منهكة إلى منزلها، واستسلمت لما أضحى يوصف بـ”التعفن في السرير” (bed rotting)، وهو المصطلح الشائع على “تيك توك”، يصف حالة التثاقل التي تستوجب راحة طويلة.
و”التعفن في السرير” يشير إلى الاستسلام للرغبة الجامحة بالبقاء في السرير، والتي تنتابنا بعض الأوقات حين نستيقظ صباحًا.
وينشر مستخدمو تيك توك مقاطع فيديو لأنفسهم تحت طبقات من البطانيات، في كثير من الأحيان مع هاتف أو وجبة خفيفة في متناول اليد.
ويشير مصطلح “bed rotting” إلى خيار البقاء في السرير طوال اليوم، وبالتالي “التعفن” هناك؛ وفقًا لـ”غولد” أستاذة الطب النفسي والمساعدة في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس.
الحاجة إلى الراحة
وتقول غولد لـ”سي إن إن”: “أعتقد أنه لا بأس من القيام بذلك إذا كنت في حاجة إليها؛ فأنا شخصيًّا سمحت لنفسي بفعل ذلك.. لا بأس طالما أنك تفهم سبب قيامك بذلك”.
لكن هذه المختصة تنصح بأنه خلال “يوم كسول” يمكنك القيام بأنشطة تجدها ممتعة؛ “ربما تقضي وقتًا مع الأصدقاء والعائلة” كي لا تؤثر سلبًا على صحتك العقلية والنفسية.
من جانبه، قال أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية ألبرت أينشتاين للطب، سيمون ريغو: للوهلة الأولى من المحتمل أن تكون هناك الكثير من الفوائد التي يمكن أن تأتي من التكاسل، مثل “إعادة شحن الجسم، وإعادة ضبطه؛ ومع ذلك فإن التوازن مهم”.
تجنبوا المبالغة
لكنه أشار إلى أن قضاء الكثير من الوقت في الاستلقاء على السرير يمكن أن يزعج مزاجك ويزيد من التوتر؛ وبالتالي يأتي بنتائج عكسية.
وقال: “تجنب المبالغة في ذلك، بغضّ النظر عن مدى شعورك بالرضا في الوقت الحالي”.
مشاكل نفسية وعقلية
وقالت “غولد”: إن الخمول في السرير لأكثر من يوم أو يومين، أمرٌ مقلق ويمكن أن يشير إلى مشاكل عقلية مختلفة.
وتابعت: “الرغبة في البقاء في السرير طوال اليوم، خاصة إذا حدث عدة مرات، من المحتمل أن يكون لذلك علاقة بشيء أكثر من مجرد تعويض النوم أو الحاجة إلى يوم واحد دون القيام بأي شيء؛ يمكن أن تكون إرادة لا شعورية لتجنب بعض المشاعر أو التوتر”.
وأضافت أن هذا النوع من السلوك مرتبط بأعراض الاكتئاب والقلق، من بين أمراض الصحة العقلية الأخرى.
وشددت على أنه يمكن أن يؤثر “التعفن في الفراش” على أكثر من مجرد صحتك العقلية؛ فقد يكون له تأثير سلبي أيضًا على نومك.
وقالت كيلي غلازر بارون، الأستاذة المساعدة في طب الأسرة والطب الوقائي في جامعة يوتا في سولت ليك سيتي: “تعفن الفراش هو بالضبط عكس ما نريد أن يفعله الناس”.
السرير للنوم وليس هروبًا من الحياة
وأضافت أنه يجب استخدام السرير للنوم فقط، وليس لأنشطة مثل مشاهدة التلفزيون أو العمل أو تناول الطعام.
وكإرشادات عامة قالت براون: “إذا لم تكن نائمًا خلال 30 دقيقة من الوصول إلى السرير أو كنت مستيقظًا لأكثر من 20 دقيقة أثناء الليل؛ فيجب عليك النهوض من السرير”.
ثم أردفت: “إذا كنت ترغب في الاسترخاء في مكان مريح، فاختر أريكة أو كرسيًّا مريحًا”.
وأكدت أن الشعور بالتعب بعد يوم طويل أمر طبيعي؛ ولكن إذا كان يتعارض مع عملنا أو حياتنا الاجتماعية أو أنشطة مهمة أخرى؛ “فمن الجيد مناقشة الأعراض مع الطبيب”؛ وفق قولها.
مخاوف وحلول
قالت “غولد” من جانبها: إن “التعفن في الفراش” يمكن أن يسمح لك بعزل نفسك، وتجاهل مشاعرك، وربما يمنعك من المشاركة في أنشطة الرعاية الذاتية التي يمكن أن تساعدك”؛ بينما قال “ريغو” إن أنشطة “إعادة الشحن” يمكن أن تنشطنا و”تعدنا بشكل أفضل للضغوط التي لا مفر منها التي نواجهها يوميًّا”.
عادت “غولد” لتؤكد: “إذا كنت لا ترغب في مغادرة المنزل، فحاول قراءة كتاب أو مجلة بدلًا من مشاهدة التلفزيون”.
وقالت أيضًا إنه قد يكون من المفيد التحدث إلى معالج؛ مضيفة أن العلاج يمكن أن يساعد على تعلم مهارات تأقلم جديدة والتعرف على سبب الرغبة الملحة للبقاء في السرير.