عند الاستيقاظ يتباين الإحساس بمدى الشعور بالراحة من شخص لآخر؛ ففي حين يمكن للبعض القفز مباشرة من السرير، وبدء اليوم بنشاط وحيوية، يشعر آخرون بالخمول، وتكاد تكون جفونهم ملتصقة ببعضها على الرغم من أنه حصل على قسط كافٍ من النوم، لكن لم يتحقق الإحساس بالراحة.
وتفصيلاً، يمكن أن تؤدي تعقيدات الحياة الحالية إلى إنقاص المساحة الزمنية المخصصة للراحة، التي ينبغي دمجها في الروتين اليومي، فبعد بضعة أسابيع عمل مزدحمة، أو تقويم اجتماعي مزدحم، ربما لا تكون الراحة المناسبة للجسم إحدى الأولويات؛ لأنه بشكل أو بآخر لا يعرف الكثيرون على وجه الدقة ما مقدار ما يحتاجون إليه من الراحة، بحسب ما نشره موقع “Stylist” البريطاني.
ويقول الخبراء إن ضغوط الحياة الحديثة أمر لا مفر منه، لكن يجب إدراك أن الإجهاد دون التعافي الكافي يُعدُّ ضارًّا بالصحة؛ وينبغي تجنبه، وفقًا لـ”العربية نت”.
وتفترض العالِمة السلوكية إميلي ناغوسكي، وشقيقتها التوأم أميليا ناغوسكي، أن 42% هو الجزء الضروري من اليوم الذي يحتاج فيه المرء إلى الراحة للعمل على النحو الأمثل، ويمكن ممارسة الأنشطة كافة بأشكالها المختلفة في نحو 10 ساعات، يتم تكريسها يوميًّا لذلك، لكن ينبغي ملاحظة أن الشخص لن يحتاج إلى الحصول على 42% راحة ونومًا كل يوم، إنما يتعين عليه تحقيق التوازن على مدار أيام عدة حتى يشعر بأقصى فائدة.
وكتبت البروفيسور ناغوسكي قائلة: “ثبت أن الإجهاد ظاهرة فسيولوجية، تؤثر على كل جهاز ووظيفة في جسم الإنسان، بما يشمل وظائف المناعة، وعمل الجهاز الهضمي، والهرمونات.. وأنه للحفاظ على كل هذه الأنظمة في حالة عمل كاملة تتطلب بيولوجية جسم الإنسان أن يقضي الشخص 42% من يومه للعناية بوجوده المادي ككائن حي”.
وتابعت: “بالطبع يمكن الحصول على قسط أقل من الراحة لفترات قصيرة، لكن لا ينصح بذلك؛ لأنه سيتم دفع الثمن في نهاية المطاف متمثلاً في انخفاض الأداء، والمرض الجسدي. يستطيع الجميع تجاوز الإرهاق والتحمل للوفاء بالموعد النهائي العاجل، أو إنهاء المشروع، ولكن لا ينبغي أن تكون استراتيجية طويلة الأجل للرفاهية”.
وأضافت: “مقدار الراحة المطلوبة يعتمد على الاحتياجات الفردية؛ فعندما لا ينام الشخص جيدًا، أو يشعر بالتوتر، أو يكون جدوله مزدحمًا، فربما يشعر بأنه بحاجة إلى فترات راحة أكثر بشكل متكرر، لكن الأهم من ذلك هو أن يتيح لجسمه الوقت الكافي لتفعيل سلسلة الاستشفاء، والعودة إلى حالة التوازن، التي يتمكن الجسم عندها من الإصلاح والتعافي”.
ووفقًا للخبراء في منصة التدريب BetterUp، فإن تركيز الانتباه على مهمةٍ ما يستهلك نحو 5% من طاقة الجسم، بينما يستخدم الباقي نحو 20٪ من طاقة الجسم؛ لذا يجب أن تهدف فترات الراحة، بأي شكل من الأشكال، إلى تجديد ذلك.
7 أنواع من الراحة
يمكن أن يكون من الصعب تحديد الراحة؛ لأنها تبدو مختلفة بالنسبة للجميع، لكن حددت الطبيبة دكتورة سوندرا دالتون سميث في كتابها (Sacred Rest Recover Your Life، Renew Your Energy، Restore Your Sanity) سبعة أنواع من الراحة، هي: الراحة الإبداعية والعقلية والجسدية والاجتماعية والعاطفية والحسية والروحية.
وبينما سيحتاج الشخص على الأرجح إلى القليل من جميع أنواع الراحة المختلفة حتى يعمل بشكل جيد، سيحتاج بعض الأشخاص إلى أنواع معينة من الراحة أكثر من غيرهم، بحسب كمية الطاقة التي استهلكوها يوميًّا.
ويمكن تعريف الراحة أيضًا بأنها أي سلوك يهدف إلى زيادة الرفاهية الجسدية أو العقلية؛ لذا يمكن أن تكون عن طريق النشاط البدني، مثل الخروج للمشي، أو الاسترخاء، مثل أخذ 10 دقائق للجلوس والتنفس بعمق.
إن النوم -من ناحية أخرى- هو وظيفة أساسية للجسم، ويؤثر على كل نظام من الوظائف المعرفية إلى الصحة العامة والمناعة.
يعد النوم الجيد، الذي يتضمن سبع إلى تسع ساعات كل ليلة، أمرًا حيويًّا لوظيفة المخ والذاكرة والتركيز والصحة المناعية والتمثيل الغذائي؛ لأنه -على عكس الراحة- لا يمكن للجسد أن يعمل بدونه.
وعندما يشعر المرء بأنه ببساطة لا يملك الوقت فإن أفضل الممارسات هي دائمًا إيجاد طرق صغيرة، يمكنه من خلالها دمج الراحة والاسترخاء في روتينه اليومي.
إن الشخص يخصص وقتًا كل يوم لتناول الطعام، والتنقل، وإكمال المهمات، والذهاب إلى العمل؛ ومن ثم يتعين أن يخصص وقتًا للراحة.
قاعدة 42%
ولاتباع قاعدة 42% تقترح البروفيسور ناغوسكي أنه يمكن تقسيم اليوم كما يأتي:
• ثماني ساعات من النوم.
• 20 إلى 30 دقيقة من “محادثة تقليل التوتر” مع شريك/ ة الحياة أو أحد أفراد الأسرة الموثوق بهم.
• 30 دقيقة من النشاط البدني.
• 30 دقيقة من الاهتمام بالطعام.
• فترة حرة مدتها 30 دقيقة، حسب الاحتياجات (يمكن أن تكون للتحضير للنوم أو للقيام بنشاط اجتماعي).
وفي حين أن المدد أعلاه هي مجرد متوسطات فمن المهم تعديلها بحسب الاحتياجات الفردية؛ لجعلها تعمل من أجل تحسين نمط حياة الشخص، ومواكبة أولوياته.