وسط توترات متصاعدة بشأن تهديدات روسيا باستخدام سلاح نووي في أوكرانيا، ودعوات لردع موسكو، كشفت برقية دبلوماسية أميركية وشخصان مطلعان أن الولايات المتحدة سارعت لنشر نسخة أكثر دقة من قنبلتها النووية الأساسية بقواعد حلف شمال الأطلسي في أوروبا.
فقد أبلغ مسؤولون أميركيون حلفاء الناتو خلال اجتماع مغلق في بروكسل هذا الشهر، تقديم موعد وصول قنبلة الجاذبية “B61-12” المطورة جواً ليصبح في ديسمبر المقبل، بعد أن كان من المقرر طرحها في الربيع المقبل، وفق ما أوردت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، الأربعاء.
الحلفاء “متوترون”
وأشارت البرقية، التي لم يتم الإعلان عنها سابقاً، وتمت كتابتها وتوزيعها لإعطاء صانعي السياسة ملخصاً لما تمت مناقشته بين وزراء الدفاع في اجتماع الناتو، بوضوح إلى أن الحلفاء “متوترون”.
كما أضافت أنه “خلال الاجتماعات، أثار 15 من حلفاء الناتو مخاوف من أن الحلف يجب ألا يستسلم لابتزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النووي”.
كذلك بينت أنه “نظراً لارتفاع حجم ونطاق الخطاب النووي الروسي، طلبت مجموعة فرعية من الحلفاء إجراء مشاورات مستمرة في حلف الناتو لضمان الاستعداد المستمر والرسائل المتسقة”.
“لا يرتبط بأحداث أوكرانيا”
ورداً على طلب للتعليق، قال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر عبر البريد الإلكتروني، إنه “بينما لن نناقش تفاصيل ترسانتنا النووية، فإن تحديث الأسلحة النووية الأميركية B61 مستمر منذ سنوات والخطط للتبديل الآمن والمسؤول للأسلحة القديمة لإصدارات B61-12 التي تمت ترقيتها هي جزء من جهود التحديث المخطط لها منذ فترة طويلة والمجدولة”.
كما شدد على أن هذا الأمر “لا يرتبط بأي حال من الأحوال بالأحداث الجارية في أوكرانيا ولم يتم تسريعه بأي شكل من الأشكال”.
فيما رأى هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين، الذي كان يتابع البرنامج عن كثب: “سيكون من الغريب التعجيل بها (القنبلة)، لقد كانوا يقولون إننا لا نرد على هذا الوضع بالأسلحة النووية. لا أعتقد أنهم يريدون الوصول إلى هذا الحد”.
وبحسب “بوليتيكو”، قد تكون الرسالة وراء إرسال القنابل الأولى في ديسمبر موجهة أكثر إلى الحلفاء الأوروبيين الذين يشعرون بأنهم معرضون للخطر بشكل خاص من قبل موسكو.
“وسيلة لطمأنة الحلفاء”
من جانبه، قال توم كولينا، مدير السياسة في صندوق Plowshares، وهي مجموعة تُعنى بنزع السلاح: “أعتقد أن الهدف هو حلف الناتو أكثر من روسيا، لأنه يوجد هناك بالفعل أقدم من تلك القنبلة (B61) والروس يعرفون ذلك”.
ولفت إلى أن “الأجهزة الجديدة ستكون أحدث، لكنها لن تحدث فرقاً كبيراً، غير أنها قد تكون وسيلة لطمأنة الحلفاء عندما يشعرون بالتهديد من روسيا بشكل خاص”.
إلا أنه مع ذلك، حذر من أن أي “تحركات نووية”، مهما كانت متواضعة، يمكن أن يكون لها عواقب غير مقصودة”.
مفاجأة لبعض المراقبين القدامى
تأتي هذه الخطوة، التي تتضمن استبدال الأسلحة القديمة بنسخة أحدث في منشآت تخزين مختلفة في أوروبا لاستخدامها المحتمل من قبل الولايات المتحدة والقاذفات والطائرات المقاتلة المتحالفة، وسط توترات متصاعدة بشأن تهديدات روسيا باستخدام سلاح نووي في أوكرانيا والمخاوف المتزايدة من أن الغرب بحاجة لبذل المزيد من الجهد لردع موسكو عن عبور هذا الخط.
كذلك جاء تقديم موعد وصول القنبلة بمثابة مفاجأة لبعض المراقبين القدامى، الذين يخشون أن يؤدي ذلك لزيادة تأجيج وضع خطير بالفعل في أوروبا. كما جاء الإعلان بالاجتماع في بروكسل قبل أيام من بدء الناتو تدريباته النووية السنوية المعروفة باسم Steadfast Noon، التي تستمر أسبوعين، وتنتهي الأحد، وتتضمن استخدام حوالي 70 طائرة.
ما هي قنابل B61؟
B61 هي عائلة من القنابل النووية تم تطويرها لأول مرة في أوائل الستينيات وتم عرضها في البداية في التجارب النووية تحت الأرض في ولاية نيفادا الأميركية. وتم تطوير عشرات الإصدارات على مدار عقود، فيما خرج معظمها من الخدمة منذ ذلك الحين.
وبرنامج B61-12 الذي تبلغ كلفته 10 مليارات دولار، وتديره وزارة الطاقة، يهدف إلى استبدال العديد من الإصدارات السابقة من القنبلة، بما في ذلك حوالي 100 مخزنة في القواعد الجوية في ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وتركيا.
كما تم تصميم الإصدار الجديد، بحيث تتمكن الطائرات القاذفة والطائرات المقاتلة الأميركية والحلفاء، بما في ذلك القاذفات B-2 وB-21 والطائرات المقاتلة F-15 وF-16 وF-35 وTornado، من حمل السلاح، على عكس العديد من الإصدارات القديمة من B61 التي تم تخزينها لسنوات.
كذلك يعتبر الرأس الحربي نفسه، واحداً من أكثر الرؤوس تنوعاً في ترسانة الولايات المتحدة، نظراً لإمكانية زيادة قوته التفجيرية أو خفضها اعتماداً على الهدف، ما يجعله إما سلاحاً منخفض القوة أو متوسط القوة.