اختتمت أمس فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمنتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع بعنوان: “العودة الآمنة تحديات ورؤى”، بمشاركة ثلاثة من الخبراء في المجالات التعليمية والصحية بالمملكة، وتابعها جمهور كبير من داخل المملكة وخارجها عبر الاتصال المرئي.

واستعرضت الندوة أوراق عمل قدمها كل من معالي الدكتور محمد بن عبدالله الشايع رئيس جامعة الجوف، وكانت ورقته ضمن المحور الأول بعنوان: “قراءة في الواقع أثناء جائحة كورونا”، والدكتور عبدالحميد بن عبدالله الحبيب، المدير العام للمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية، الذي تحدث في المحور الثاني بعنوان: ” الرؤية المستقبلية لاستثمار نواتج الجائحة في المجتمع، والدكتورة غادة عبدالعزيز عثمان بن يوسف وكيلة جامعة الملك سعود لشؤون الطالبات التي تحدثت في ورقتها عن أهم التحديات التي واجهت النظام الصحي والحلول والمكتسبات التي حققها خلال تعامله المنظّم مع الجائحة. وأدار الندوة الدكتور علي بن دبكل العنزي، أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود.

كما ألقت الدكتورة مشاعل بنت عبدالمحسن السديري، مساعدة المدير العام لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي كلمة قالت فيها : إن منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع اختار لهذا العام موضوع العودة الآمنة تحديات ورؤى، لاستعراض التحديات التي واجهت مختلف القطاعات التعليمية والصحية والاجتماعية والدروس المستفادة من تعامل هذه القطاعات مع الجائحة، لتمثل رؤية مستقبلية لمواجهة مثل هذه الأزمة.

وقالت الدكتورة مشاعل السديري إن منتدى منيرة الملحم يعقد سنويا، ويتم اختيار موضوع حيوي له اهتمام واسع على مستوى المملكة. ويأتي هذا العام ليناقش موضوعا يمس مختلف القطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة.

وأشارت الدكتورة السديري إلى أن المرأةُ حظيت باهتمام خاص منذ بدء تأسيس مركز عبدالرحمن السديري الثقافي، إذ قام الوالد الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، رحمه الله، بإنشاء أول مكتبة نسائية عامة في المملكة، وذلك في دار العلوم بالجوف، وكان ذلك عام 1403هـ، وحرص على دعمها وتطويرها؛ وكذلك فعلت حرمه الوالدة منيرة بنت محمد الملحم، رحمها الله، حين أوقفت جزءاً من مالها الخاص لإنشاء مكتبة عامة للنساء بمحافظة الغاط سنة 1425هـ باسم مكتبة منيرة الملحم، وقد كان لها دور بارز ومؤثّر في المجالات الاجتماعية والإنسانية والخيرية التي تخص المرأة في كلٍ من الجوف والغاط، وقد أسهمت كثيراً في تشجيع الاهتمام بالتعليم، وتحفيز التحصيل الدراسي والتفوّق بين الفتيات والنساء. وهذا المنتدى هو فعالية ثقافية سنوية تقيمه مكتبة منيرة الملحم، يتناول من خلالها موضوعا من الموضوعات المهمة على المستوى الوطني.

كما أعلنت الدكتورة مشاعل السديري في كلمتها عن إطلاق مبادرة “أواصر” في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالشراكة مع جائزة الأميرة صيته بنت عبدالعزيز والتي تسعى إلى تنمية العمل الاجتماعي، وترسيخ مفهوم الريادة المجتمعية؛ لتحقيق التنمية المستدامة.

وتحدث الدكتور محمد بن عبدالله الشايع رئيس جامعة الجوف في ورقته، فقال إن جائحة كورونا كان لها تأثير اجتماعي واقتصادي وصحي ونفسي، وانعكس أثرها على كافة شؤون الحياة، وأنماطها المختلفة سلبا وبعضها إيجابا، وأكد أن الاستفادة من التغيرات التي أحدثتها الجائحة ستسهم في تسريع تحقيق التنمية والتغير الاجتماعي الإيجابي، ومنها مجالات التعليم الإلكتروني الذي حقق إضافة لها إيجابيات لا يمكن إنكارها في العملية التعليمية. كما أظهرت الجائحة أهمية الاعتماد على الكوادر الوطنية والمنتج الوطني نتيجة الإغلاق الذي حدث في مختلف بلدان العالم، ما أسهم في خلق فرص عمل أكبر وتعددية وتنوع في الإنتاج داخل المجتمع.

وتحدث الدكتور عبدالحميد بن عبدالله الحبيب، في ورقته فقال إن الصحة النفسية شديدة التأثر بالظروف المحيطة، وقد تسببت الجائحة في إحداث تغير كبير في حياة الأفراد والمجتمعات، بل إنها قلبت حياة بعضهم رأسا على عقب، وحقا إن العالم اليوم ليس هو كما كان قبل الجائحة. وإن الأنماط الحياتية التي تغيرت بفعل الجائحة سيكون لها تأثير عميق على الصحة النفسية. وتحدث الدكتور الحبيب عن عوامل الحماية النفسية، وعن التوقعات المستقبلية التي ستكون عليها الصحة النفسية المجتمعية بوجه عام.

أما الدكتور. غادة بنت عبدالعزيز بن سيف، فقد تحدثت في ورقتها عن أهم التحديات التي واجهت النظام الصحي، ومنها التأثير الجسدي والنفسي والاجتماعي للممارسين الصحيين، بالنظر إلى ارتفاع معدل خطورة الإصابة بالعدوى بينهم، نتيجة الاتصال المتكرر بالمرضى، وقالت إن نحو 70% من العاملين الصحيين في العالم من النساء ويعمل معظمهم في الخطوط الأمامية للرعاية الصحية ما يجعلهم على تماس مباشر مع المرضى. وأشارت الدكتورة غادة إلى أن من أهم مكتسبات النظام الصحي هو رفع القدرة الاستيعابية لكافة القطاعات الصحية والتحول الرقمي للعديد من الخدمات الصحية بفعالية وتفعيل التطوع الصحي، والطب الاتصالي، والرعاية الصحية المنزلية. ما جعل النظام الصحي في المملكة أكثر قدرة على مواجهة أي طارئ في المستقبل.
وقد أكد مدير الندوة الدكتور علي بن دبكل العنزي، على أهمية موضوع المنتدى، والحاجة الماسة لمناقشة محاوره وجوانبه من الباحثين والدارسين الأكاديميين والمهنيين كل في مجاله، للخروج بالدروس والعبر المستفادة من هذه الجائحة، وإن العودة الآمنة تتطلب الكثير من الاهتمام من مختلف القطاعات ذات العلاقة لضمان تحقيق أعلى درجة من السلامة الصحية وكذلك لضمان استمرار مختلف الأعمال والقطاعات الاقتصادية بكامل طاقاتها، وتقليل التأثير السلبي عليها.

يشار إلى أن مكتبة منيرة الملحم بدار الرحمانية في محافظة الغاط التي نظمت هذا المنتدى السنوي، هي إحدى فروع مركز عبدالرحمن السديري الثقافي الذي يعد واحدا من أقدم المراكز الثقافية في المملكة، الذي أنشأه الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري منذ عام 1383هـ (1962م). ويتولى المركز إدارة مكتبة دار العلوم العامة بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة الغاط؛ وتتضمن برامج المركز نشر الدراسات والإبداعات الأدبية. وينظم منتديات سنوية وأنشطة وندوات ثقافية متنوعة على مدار العام، وله أنشطة في مجال دعم البحث العلمي.

وتتبع للمركز أربع مكتبات في الجوف والغاط اثنتان للرجال ومثلهما للنساء يصل عدد زوارها إلى نحو سبعة آلاف زائر وزائرة سنويا، كما تستقبل مجموعات من طلاب وطالبات الكليات العلمية والجامعات بهدف الإفادة من المصادر العلمية والمراجع المهمة المتوافرة في المكتبات الأربع بالمركز.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *