حث خطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي المسلمين على الفرح والابتهاج بقدوم شهر رمضان المبارك، وتهنئه بعضهم بعضاً بهذا الشهر الكريم قائلاً: مما لا شك فيه أن الله تعالى خلقنا لعبادته، ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))، فما من يوم إلا وفيه لله وظيفة من وظائف طاعته، ولطيفة من لطائف رحمته، يوفق الله تعالى فيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم، وهو سبحانه الغفور الرحيم.
وإن بين أيديكم، لياليَ شريفة، وأيامًا فاضلة، كان يبشّر بمقدومها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: (( قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )).
قال ابن رجب: “هذا الحديث، أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن، بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب، بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل، بوقت يغل فيه الشياطين، من أين يشبه هذا الزمان زمان”، (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )).
وعدد فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام فضائل شهر رمضان المبارك وأنه شهر الصيام والقيام، والقرآن والإحسان، تجتمع فيه فضائل الأعمال،وإنه شهر عظيم، وموسم كريم، تستغفر فيه الملائكة للصائمين حتى يفطروا.
وقال المعيقلي: أبواب الخير فى رمضان كثيرة، فمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا ولو بتمرة، كَانَ لَهُ مِثْل أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا، وأفضل الصدقة، صدقة في رمضان، فمن خافَ يوم الحساب، فليُطعِم جوعَة مسكين، وليسُدَّ خَلَّة أرملة ويتيم، وإن شهر رمضان، من أعظم مواسم التقوى، فالصيام جُنَّةٌ، أي: حصن حصين عن الفحش والمحرمات، وبالتقوى معاشر المؤمنين، تتحقق السعادة الأبدية، في جنة عرضها السموات والأرض، أعدت للمتقين، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإن شهر رمضان، فرصة لاسترضاء الرحمن، والاستقامة على صراطه، والاستعداد للقائه، فاليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
وحث فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي في الخطبة الثانية على مقاصد الصيام، وتربيةَ النفس على الطاعة، وتزكيتَها بالبعد عن المعصية.
وقال فضيلته كما يمنع المسلم نفسه، عن بعض المُباحات حال الصيام؛ فمن بابِ أولَى، منع نفسه عن الحرام، فليس الصيام، مجرّد امتناع عن الطعام، بل هو شهرٌ يُثمِر الإيمانَ والعملَ الصالح، فمَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
ولقد كان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، أجود ما يكون بالخير في رمضان، بكل خصال الخير، فلقراءة الْقُرْآن، مزية في رمضان، فَلَا شَيْء أَنْفَع للقلب، من قِرَاءَة الْقُرْآن بتدبر وتفكر، هاهي أيام الخير قد أقبلت، ومواسم البذل قد أطلت، فاستبِقوا الخيرات، واعمروا أوقاتكم بالقُربات، وتزودوا من الطاعات، وأخلصوا فيها لربكم، وحقِّقُوا فيها المُتابعَة لرسولكم.