تشهد الإدارات الحكومية خلال الشهرين الجاري والقادم، تحدياً كبيراً يتمثل في مدى قدرتها على تقييم أداء موظفيها، عبر لائحة تقويم الأداء الوظيفي الجديدة؛ وذلك لأول مرة.
ويتمثل التحدي في صعوبة اللائحة وعدم فهم الكثيرين من مديري الإدارات الحكومية للطريقة المثلى في تطبيق اللائحة التي عقدت لها وزارة الخدمة المدنية والجهات الحكومية الكثيرَ من ورش العمل؛ للتعريف بها خلال الأشهر الماضية.
يُبرز التحدي الذي يواجه الجهات الحكومية، الحاجةَ الماسة لتأجيل تطبيق اللائحة الجديدة التي لم تلتزم غالبية الجهات الحكومية بأبرز ملامحها، وشرط “ميثاق الأداء” الذي يفترض أن يتم إعداده والاتفاق عليه واعتماده من قِبَل الموظف ومديره المباشر في بداية العام الهجري، ويتم تقييم أداء الموظف على ضوئه في نهاية العام؛ وذلك وفقاً للائحة الجديدة ودليلها الإرشادي.
عدد من موظفي القطاعات الحكومية أبرزوا تساؤلاتهم لوزارة الخدمة المدنية قائلين: “اللائحة تشترط وجود ميثاق أداء بين الموظف ومديره بداية العام؛ فكيف يتم تقييم الموظف في نهاية العام دون وجود هذا الميثاق؟ وكيف يستطيع المدير تقييم الموظفين وهو لم يحدد لهم الأهداف والواجبات منذ بداية العام؟”.
وقد تخوّف الموظفون من تعرّضهم للأخطاء في تقييمات هذا العام؛ خاصة أن اللائحة تُلزم المديرين بتصنيف إجباري للموظفين؛ مشيرين إلى أن بعض المديرين لا يعرف حتى الآن طريقة التقييم الجديدة، والدليل على ذلك ورش العمل التي لا تزال تُعقد للتعريف بها في الإدارات الحكومية حتى قبل أسبوعين.
وطالَبَ الموظفون الجهات المعنية بالنظر في هذه الإشكالية وتأجيل تطبيق اللائحة الجديدة لحين التعريف الكامل بها؛ تجنباً للأخطاء التي ستؤثر على الموظفين.
يشار إلى أن لائحة تقويم الأداء الوظيفي الجديدة التي صدرت موافقة وزير الخدمة المدنية عليها؛ اشتملت على إحدى وعشرين مادة جرى العمل بها؛ اعتباراً من 1/ 1/ 1438هــ؛ من أبرز ملامحها وجود ميثاق للأداء يتضمن الأهداف والجدارات والوزن النسبي والناتج المستهدف لكل هدف وجدارة، ويتم إعداده والاتفاق عليه واعتماده من قِبَل الموظف ورئيسه المباشر في بداية دورة الأداء (بداية العام الهجري)، وتقييم الموظفين بناء على أهداف محددة وقابلة للقياس خلال دورة الأداء السنوية، ويتم من خلالها وضع الأهداف وفق الممارسات المتعارف عليها في هذا المجال، وكذلك مجموعة من الجدارات التي تقيس المعارف والمهارات والقدرات والخصائص السلوكية التي تمكّن الموظف من أداء عمله بكفاءة، إلى جانب تحديد التقدير العام لأداء الموظف بأحد الأوصاف والتقديرات (ممتاز، جيد جداً، جيد، مُرضي، غير مُرضي) من خلال درجات تقدير محددة (1- 5)، بالإضافة إلى تصنيف الموظفين وتوزيعهم بشكل إجباري (Forced Ranking) على خمس فئات مختلفة لتحديد الموظفين المتميزين أو منخفضي الأداء.
الجدير بالذكر أن دورة الأداء في اللائحة الجديدة تنقسم إلى ثلاث مراحل أساسية؛ أولها “مرحلة تخطيط الأداء”، التي تتم خلال أول شهرين من بداية دورة الأداء (بداية العام الهجري)، وتتضمن مناقشة خطة أداء الموظف مع مديره، ويتم توثيق ما تم الاتفاق عليه “ميثاق الأداء” الذي يتضمن الأهداف والجدارات اللازمة لتحقيق الأهداف.
فيما تتضمن مرحلة المراجعة نصف السنوية للأداء، وتتم خلال الشهر السادس أو السابع من دورة الأداء لمراجعة مدى تقدم الموظف نحو تحقيق أهدافه المحددة في ميثاق الأداء وتقديم التغذية المرتدة من قِبَل المديرين حول أداء الموظف، وإجراء المراجعة المرحلية للفترة المتبقية من دورة الأداء، واتخاذ الخطوات التصحيحية المناسبة في حالة احتياج الموظف إلى تحسين أدائه في مرحلة مبكرة قبل نهاية دورة الأداء؛ وعادة ما تكون المراجعة النصف سنوية اختيارية.
وتأتي مرحلة التقييم السنوي للأداء في نهاية الدورة في آخر شهرين من العام، ويتم فيها تقييم الأداء السنوي للموظف حسب ما هو محدد في ميثاق الأداء الذي تم إعداده في بداية دورة الأداء، ويعد نموذج التقدير العام لأداء الموظف الذي يتضمن تقديره العام ونقاط القوة والنقاط التي تحتاج إلى تطوير، ويعتبر تقييم الأداء من أهم الممارسات في مجال الموارد البشرية ويعتبر بمثابة حجر الزاوية لأنشطة الموارد البشرية التي ترتبط به ارتباطاً مباشراً أو غير مباشر مثل التدريب والتطوير والتعاقد الوظيفي وتطوير القيادات وإدارة المواهب والترقيات والحوافز والأجور والرواتب والابتعاث وغيرها.