عندما كان الشاب المتفوق أحمد يحزم حقائب السفر متوجها نحو ولاية كاليفورنيا لاستكمال دراسته كان صوت الأذان يصدح في مدينة جدة الحالمة مناديا للصلاة ..غير أن الفتى الذي لم يبلغ ربيعه الثامن عشر اكتفى بإشعال سيجارته التي لا تكاد تفارق شفتيه …
علاقة أحمد المقطوعة تماما مع الصلاة كانت موصولة تماما مع التدخين منذ بلوغه الرابعة عشر..!!
وعلى ذلك كان يظن الشاب اليافع أن أمريكا ستكون مرتعا خصبا يواصل فيه ركضه في عالم الغفلة والذهول..
كانت الدراسة بالنسبة له خطا احمر لذلك فقد حصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال ثم الماجستير..
وجد الشاب أحمد أمريكا كما تخيلها وأكثر، ولكن بالإضافة إلى ذلك شاهد وجهها الآخر الناطق بالحضارة والمدنية..!!
مرت السنوات الأولى من حياته دون تغيير ودون إنجاز يذكر ، ما عدا انضباطه في دراسته ..
ذات يوم من أيام ربيعه الواحد والعشرين استيقظ عقله من سبات طويل وعميق - لست متأكدة أنها كانت ربيعا بالفعل-
حيث طرق قلبه كلمات تشبه خيوط الشمس الذهبية عندما تتسلل عبر شرفة عالية كبلها ليل الشتاء الطويل فغمرت قلبه الحائر بالدفء والنور:
أحمد:
يكفي إلى هذا الحد يكفي ..!!
استجابت جوارحه للنداء الرقيق وخفق قلبه خفقة الرجوع من الزمن البعيد..
ولكن ليس الآن..!!
رأى الشاب أن يؤجل قراره المصيري شهرا واحدا وحدد فيه يوما ليمزق فيه ماضيه التعيس ويفتح نوافذه للشمس..
هو شخصيا يرى - الآن- أن قرار التأجيل كان فيه مغامرة كبيرة لأن العمر ربما انقضى قبل ذلك..
لكن الله سبحانه وتعالى أراد بالشاب اليافع خيرا فبلغ ذلك اليوم..
هنا كان من السهل جدا أن يؤخر الموعد شهرا آخر، او حتى سنة بدعوى الاستعداد وتهيئة النفس..
لكن الجميل في الأمر أنه كان صادقا مع نفسه، جادا في الوصول لموعده بكل ما يمتلك من شباب متدفق وروح متوقدة..
وفي ذلك اليوم الذي لا ينساه الشاب أحمد وربما لا ينساه الملايين من جماهيره الغفيرة وتحديدا في صلاة العصر لامس جبينه السجادة لأول مره منذ 21 عاما كانت تلك السجدة - التي لا يزال طعمها يقطر في وجدانه كالشهد - كانت كافية، وكافية جدا لأن تقدم لنا عروس البحر الأحمر شخصية ملهمة وفريدة من نوعها..!!
أحمد الشقيري الذي ولد في وفي فمه ملعقة من ذهب فلم يكن بحاجة للتكسب من برامجه الجماهيرية ولا من سطوعه الإعلامي المبهر ولا من أفكاره المتفردة للإعجاب..!!
قاد الشاب السعودي أحمد الشقيري ملايين الشباب السعوديين والعرب الى مدائن الجمال والدهشة..
وأحدث ثورة ناعمة في عالم الشباب الراكد الراكن لليأس والقنوط..
ورمى حجرا كبيرا في محيط الإحباط والكآبة التي يغرق فيها الكثير من الشباب لمختلف الأسباب..
علمنا رجل الأعمال أحمد الشقيري أن الاستثمار في العقل هو أكثر الاستثمارات نجاحا على الإطلاق..
علمنا أنه ليس بالضرورة أن نصطلي بنار المعاناة والفقر لكي يسطع نجمنا من جديد..
فقد يكون لدينا كل شيء :
المال والنجاح الأكاديمي والمكانة المرموقة والاستقرار الأسري وشباب والصحة.. ولكننا نظل دائما بحاجة للقرار ..
القرار- الذي بناء عليه - ضمت السجادة روحه المبعثرة وابتلعت سلة المهملات علبة الدخان التي لامست يده للمرة الأخيرة..
القرار الذي ولِد عشيته أحمد الشقيري من جديد ..وولِد معه ١٨ مليون شاب وشابة يتابعونه من مختلف أنحاء العالم.. ليصبح واحدا من أكثر الشخصيات تأثيرا في المملكة العربية السعودية والعالم العربي بالكامل..!!