طفلةٌ في العاشرةِ من عمرها ، كبرت وتربت على تمتمات أبيها قبل شروق الشمس وقبل الغروب ..
كانت تركض إليه قبل كل غروب وتضع يديها الصغيرتان على ركبتيه ليقرأَ لها :
( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) كان يرددها كثيراً حتى أتقنتْ أول آية ، في اليوم الثاني رددَ قرابة الثلاثين مرة ( وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا )
حتى أتقنت..
ثم بدأت في ثالث أيامها
( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ، حتى ختمت سورة النصر حفظاً ..
وبدأت حياتها مع
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)
كانت الخطوة الأولى لانتصاراتها على آلام الحياة، لكل هزيمةٍ نصر حتى تلك الهزائمُ الصغيرة الَتِي تختبئُ في أعماق الروح ، تمتمات الدمع المحبوس بين الأجفان سينتصر لها الفرح يوماً ما ..
طفلةٌ كبرت وتربت في حلقة التحفيظ التي لم يكن لها سقفٌ ولا جدران، كانت بين أحجار الريفِ قبل غروب الشمس في كل يوم ، كان المعلمُ أُميّاً لايعرف من الحروف سوى حرف الميم الذي كان بداية اسمه ...
علمها أن النصر للمؤمنين يأتي أفْواجًا
ولو اشتد البلاء ..
وبعد كل هذه السنين هزمها القدر وأخذ معلمها ، كاد أن يقضى عليها لولا صوت أبيها .. عفواً معلمها ، أتاها ليعيدَ لها تمتمات النصر بصوتٍ عذب (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ..
يومًا ما سينصرها الله على هذا الغياب وهذا الشوق سيجتمعان لينتصروا لشوقهم ويحتفوا بلقائهم الأبدي .
التعليقات 1
1 pings
مشبب المقبل
2020/05/12 في 6:56 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع وقلم سيّال ونقلنا الى تفاصيل شروق وغروب القرية وكيف كان الاباء وكيف كانت الالفة والعطف والحنان
اتمنى تواصل الابداع ولكم مني زجيل الشكر
(0)
(0)